أخبار البلد
احتشد اليمنيون بعشرات الآلاف في تظاهرات
كبيرة شهدتها عدة مدن بالبلاد، أبرزها في العاصمة صنعاء، ضد "انقلاب الحوثي على
الرئيس هادي"، وطالبوا بخروج مليشيات الحوثي الشيعية من العاصمة والمدن الأخرى،
بينما وصف "مجلس شباب الثورة" سيطرة الحوثيين على صنعاء بـ"الانقلاب
الدموي العنصري"، ودعا لتشكيل مجلس رئاسي وحكومة انتقاليين لإدارة البلاد مؤقتاً.
وشاركت حشود كبيرة من اليمنيين في تظاهرة
كبيرة انطلقت من ساحة التغيير بصنعاء، وجابت عدداً من الشوارع رفضاً لما وصفوه بانقلاب
الحوثي على هادي.
وردد المشاركون في التظاهرة، التي تعد أكبر
تظاهرة منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر/أيلول، هتافات من بينها: "ثورة
ثورة يا شباب، ضد الحوثي والإرهاب"، "شعب يمني واحد"، "مسرحية
مسرحية واليمن هي الضحية".
وواجه عدد من المتظاهرين اعتداءً بالهراوات
من قبل مسلحين حوثيين خلال مرورهم بأحد شوارع صنعاء.
وقالت سكينة عقلان، إحدى المتظاهرات، للأناضول:
"خرجنا بعد أن وجدنا اليمن يتجه للوراء بعد الانقلاب الحوثي على الرئيس هادي".
وأضافت: "كنا نسير في الطريق الصحيح،
لكن الحوثيين لا يريدون إلا أنفسهم. هم يرغبون بتخريب اليمن باسم زعيمهم عبد الملك
الحوثي".
وتابعت: "نقول للحوثي إن انقلابه هذا
هو الذي صنع ثورة ضده وهو من سيوصل نفسه للهلاك، والتأريخ يقول إنه لكل ظالم نهاية".
وفي تعز كبرى المحافظات اليمنية سكاناً،
خرجت اليوم حشود كبيرة جابت عدداً من شوارعها رفضاً لـ"انقلاب" الحوثي، وطالبت
بخروج مليشيات جماعة الحوثي من صنعاء والمحافظات الأخرى.
وشهدت مدينة إب عاصمة المحافظة، التي تحمل
الاسم ذاته، تظاهرة كبيرة مماثلة، وطالبت بخروج مسلحي الحوثي من العاصمة وجميع المحافظات.
كما شهدت مدينتا ذمار (شمال) والبيضاء
(وسط ) تظاهرات مماثلة طالبت بإخراج مليشيات الحوثي من صنعاء والمحافظات، ورفضت الانقلاب
على الرئيس هادي. وأكد المتظاهرون في المدينتين استمرارهم في العمل الثوري حتى إسقاط
انقلاب الحوثيين.
وفي السياق، دعا مجلس شباب الثورة في اليمن،
القوى الثورية إلى تدارس مجلس رئاسي انتقالي وحكومة انتقالية، لإدارة البلاد مؤقتاً
"حتى استعادة العاصمة" من الحوثيين.
ولفت "شباب الثورة"، الذي ترأسه
الناشطة توكل كرمان، إلى أن هذا المجلس والحكومة سيعملان على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار
الوطني والذهاب إلى الانتخابات المختلفة.
واعتبر "شباب الثورة"، في بيان،
اليوم السبت: أن سيطرة الحوثيين على العاصمة وقصر الرئاسة "انقلاب دموي عنصري
قامت به فئة صغيرة تريد المحافظة على الثروة والسلطة دون كل اليمنيين".
وذكر البيان: "نعلن رفضنا لهذا الانقلاب
الدموي، ونحيي استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته، باعتبار ذلك يصب في
سحب الشرعية التي كانت تتمتع بها مليشيات الحوثي وانتهاكاتها الجسيمة ضد الدولة والمجتمع
على حد سواء".
ودعا: "كافة أبناء اليمن في كافة المحافظات
إلى إسقاط الانقلاب، ورفض أي صيغة للحكم أو إدارة بديلة للبلاد تعلن عنها مليشيات الحوثي
المسلحة".
وشدد البيان على أن "هادي رئيس شرعي
حتى تشكيل المجلس الرئاسي والحكومة الانتقالية من قبل قوى ثورة فبراير (شباط) المجيدة".
ورأى البيان: أن "مشكلة اليمنيين التاريخية
تكمن في استحواذ فئة قليلة ترى نفسها صاحبة الأمر والنهي في مقدراتهم وحياتهم".
وتابع: "هذه الفئة العصبوية التي تعتقد
أنها تملك امتيازات دينية وتاريخية حصرية، لا ترى في بقية اليمنيين سوى عبيد يصلحون
للعمل بالسخرة أو الموت في سبيلها".
وزاد: "لقد بات حلم الدولة بعيداً
في ظل استمرار سيطرة المليشيات واللصوص التاريخيين الذين أثبتت الأيام وجود تحالف وثيق
بينهما".
وتأسس "مجلس شباب الثورة" في
منتصف العام 2013، بقيادة توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام، وهو أحد المكونات
الكبرى في الثورة الشبابية في اليمن، ويضم مثقفين وقيادات شابة في البلاد.
وكان هادي قدم استقالته، مساء الخميس، إلى
رئيس البرلمان، بعد وقت قصير من استقالة حكومة خالد بحاح.
ومن جهة أخرى علقت واشنطن عملياتها في اليمن عقب سيطرة الحوثيين على
الحكم
قالت صحيفة الواشنطن بوست: إن الولايات
المتحدة الأمريكية اضطرت إلى تعليق عمليات "مكافحة الإرهاب" في اليمن بسبب
الاضطرابات الجارية هناك وانهيار الحكومة، وفقاً لمسؤولين أمريكيين.
وبحسب الصحيفة، فإن الطائرات من دون طيار،
التي تديرها وكالة الاستخبارات المركزية وقيادة العمليات الخاصة الأمريكية المشتركة،
لا تزال تنتشر حالياً جنوب اليمن، حيث مقار تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وبحسب المسؤولين الأمريكيين، فإن الأجهزة
الأمنية اليمنية قدمت الكثير من المعلومات الاستخبارية للحملة الجوية التي تشنها أمريكا
على تنظيم القاعدة في اليمن قبل أن يسيطر الحوثيون على مقاليد الأمور، معربين عن خشيتهم
من تفكك الحكومة ودخول اليمن في نفق الفوضى المتزايدة والتآكل.
وتشير الصحيفة إلى أن الوضع الجاري في اليمن
أدى أيضاً إلى تعليق جهود جمع المعلومات الاستخبارية التي كانت تقوم بها وحدات يمنية
مدربة ومجهزة، حيث كانت تنقل جواً إلى مناطق قريبة من تلك التي يسيطر عليها مسلحو القاعدة.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي قوله: إن
الجهات اليمنية التي نتعامل معها حالياً تحت نفوذ الحوثيين، مشيراً إلى أنه ليس هناك
قدرة حالياً للتعامل معهم.
وكان مسؤولون أمريكيون قد أبدوا استعداداتهم
للتعامل مع الحوثيين فيما يتعلق بموضوع مكافحة الإرهاب، على الرغم من علاقتهم بإيران.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أشاد
باستراتيجية مكافحة الإرهاب في اليمن التي تنتهجها واشنطن، معتبراً أنها نموذج في محاربة
الجماعات الإرهابية، غير أن هذه الاستراتيجية تبدو الآن مهددة، خاصة في أعقاب اضطرار
أمريكا لتعليق عملياتها هناك، بالإضافة إلى أن التنظيم الذي سعت واشنطن لمحاربته في
عقر داره، تبنى مؤخراً عملية شارلي إيبدو في باريس.
وتنقل الصحيفة عن المسؤول الأمريكي قوله:
إنه يخشى أن يكون تنظيم القاعدة قد حصل على استراحة إثر توقف العمليات الأمريكية ضده
بسبب الاضطرابات الحاصلة في البلاد.
تأتي تلك المعلومات في وقت ما زال البيت
الأبيض يؤكد أن عملياته في اليمن ما زالت جارية، فقد قال المتحدث باسم البيت الأبيض
أليستير باسكي: إن عدم الاستقرار السياسي في اليمن لم يجبر واشنطن على وقف عمليات مكافحة
الإرهاب، مضيفاً: "علينا أن نواصل التعاون مع قوات الأمن اليمنية في هذا الجهد".
وحول استمرار قدرة تلك القوات على القيام
بمهامها، قال أليستير: "من الصعب بالنسبة لي تقييم ما هو الوضع على الأرض".
وذكر مسؤولون أمريكيون أن العمليات المشتركة
بدأت بالتدهور منذ الخريف الماضي، عقب سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء، حتى بلغت ذروتها
عقب سيطرة الجماعة على القصر الرئاسي واستقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وبحسب المسؤول الأمريكي، فإن عمليات تدريب القوات اليمنية على مكافحة الإرهاب التي تجري في قاعدة العند جنوب البلاد توقفت بانتظار ما ستؤول إليه الأمور.