أخبار البلد - عمر كلاب
تسير امانة عمان باتجاه السماح برفع النسبة الطابقية في الشقق السكنية الى ستة طوابق بدل اربعة , دون دراسة كافية للاضرار الناجمة عن هكذا قرار على البنية التحتية للمدينة وانسيابية السير في الشوارع وضيق اماكن الاصطفاف للمركبات ودراسة حجم الاحمال على الكهرباء والمياه والصرف الصحي ناهيك عن احتمالية الابنية المقامة حاليا للارتفاع الجديد ومدى تطابق هذا القرار مع كود البناء الاردني الذي يعتمد نسبة الطوابق الاربعة لأساسات البناء وقواعده في الابنية القائمة وانعكاس ذلك على تحمّل البناء للارتفاعات الزائدة والخشية من بروز ظاهرة انهيار العمارات كما في مصر الشقيقة التي اختارت حل ازمة السكن وتخفيض اسعار الشقق على حساب الارتفاعات الطابقية ففشلت التجربة ولم ينعكس ذلك على اسعار الشقق ولم يلمس المواطن المصري تحسن معيشته وسكنه .
قرار امانة عمان يتعارض مع قرارات سابقة وتحديدا قرار تصنيف الاراضي وقرار الحفاظ على الرقعة الزراعية , حيث حصلت الحكومة في العام 2005 على قرض من البنك الدولي بقيمة 300 مليون دينار لتحسين البنية التحتية مشاريق عمان لجذب الاستثمارات العقارية السكنية , وانجزت امانة عمان ووزارة الاشغال كل الشوارع وايصال المياه والكهرباء الى تلك المناطق دون ان يتقدم حجم السكن او ترتفع اعداد الشقق السكنية وبقيت الشوارع هناك خاوية وتنتظر استكمال المشروع الذي بدا في ذلك الوقت عظيما من حيث الحفاظ على المساحة الخضراء مغاريب عمان وشمالها مقابل تحفيز السكن شرق المدينة .
قرار رفع الطوابق يعكس حجم الخلل في القرار الخدمي الاداري الذي يزداد عوارا كل يوم فلم نتخلص بعد من مشهد مشروع الباص السريع الذي استنزف اموالا وبقي على حاله مثل افعى هامدة منتصف شارع الصحافة , وعشرات القرارات الخدمية التي تم دفن الاموال فيها داخل الارض دون انعكاس هذا الانفاق على المواطن ودخله وسيرورة معيشته , فالازمة الخانقة داخل عمان سببها قرار اداري لامانة عمان حين سمحت بدفع بدل مواقف السيارات , فتحولت تلك المواقف الى مكاتب ومخازن وبقيت السيارات في الشوارع تنغص الحياة ولعل ازمة شارع وصفي التل « الجاردنز « تختزل الحكاية كلها .
القرار لا يحتاج الى كبير عناء كي نكتشف اضراره الكثيرة على عمان وبنيتها التحتية التي تأن اصلا من وقع اللاجئين وارتفاع تعداد القاطنين فيها , وسيُحيل القرار عمان الى ورشة بناء غير مضمونة العواقب كما اسلفنا , فالقرار سيسري على الحديث والقائم والتجار في بلادنا معظمهم يميل الى الربح العالي ولن تنعكس زيادة النسبة الطابقية على المواطن بدليل ان الاسعار التي اشتعلت مع ارتفاع اسعار المشتقات النفطية ما زالت على حالها ولم يلمس المواطن اي تراجع للاسعار على اي سلعة او خدمة جرّاء انخفاض اسعار النفط فالذي يرتفع في الاردن لا يهبط ابدا وتلك قصة اخرى يجب التوقف عندها من الحكومة والوزارة المعنية .
هناك قرض تم دفنه في رمال مشاريق عمان على شكل شوارع وخدمات وبنية تحتية لم تتم الاستفادة منه حد اللحظة , ويكون القرار مهضوما او يؤخذ شكل الحافز اذا تم تطبيقه مشاريق عمان وفي الاماكن التي جرى تطويرها في الماضونة وجوارها وكل المشاريق خاصة وان الجسر المتقاطع مع تلك المنطقة من شارع المطار قد تم انجازه , فيُصبح القرار حافزا للاستثمار في تلك المناطق ويحمي الارض الزراعية ويحمي الخضرة في عمان التي بنينا اراضيها الزراعية ونسعى الى زراعة اراضيها القاحلة كما يجري ذلك في محافظاتنا .
القرار الاداري الخدمي هو اكثر القرارات ملامسة لحياة المواطن وهو يحتاج الى دراسة عميقة وليس الى تسرع او استجابة لطموح ومصالح فئة قليلة لا تنظر الا لمصالحها وارباحها والاهم ان القرار يجب ان يكون متصلا مع القرارات والدراسات السابقة وليس مقطوع الجذر .