قلة من الأردنيين يدركون حجم العمل الذي تقوم به وزارة الداخلية والأعباء الملقاة على كاهلها، فتلك الصورة النمطية التي التصقت بها واجهة أمنية للحكومة لا تعكس حقيقة المهام التي تقوم بها الوزارة حائط صد أول لمكافحة الجريمة بكافة اشكالها وتنظيم شؤون الوافدين والوافدات والتنمية المحلية. وبقدر احترامنا وتقديرنا لوزير الداخلية حسين المجالي الذي مثل وجوده إضافة نوعية بحكم خبرته التي تراوحت بين الدبلوماسية وقيادة الجهاز الأمني الرئيسي، وما تحصل له من تربية وطنية في قصور الهاشميين، فكل هذه الخلطة فرضت توقعات ايجابية لعمله وزيرا للداخلية، وأغرت بنقل عمل الوزارة الى مربعات اخرى لما بعد الربيع العربي الذي عبره الأردن بكل اقتدار وعزم إلى غد أفضل، فالتحدي الابرز الذي يواجه المجالي يتمثل في مستوى (الترهل) الذي تعاني منه وزارة الداخلية وتراجع مستوى بعض الحكام الإداريين وطبقة المحافظين الذين تمارس وزارة الداخلية مهامها عبرهم حيث تعاني الوزارة من حالة ترهل إداري مقلقة تحول دون قيامها بدورها الحيوي في تعزيز السلم الاجتماعي وتحقيق التنمية المحلية وفض النزاعات.
ووفقا لخبراء يمكن ربط هذا الترهل بسلسلة غير منطقية من التعيينات العليا كانت ذات طبيعة جهوية في عهد وزيرين على الأقل من وزراء الداخلية السابقين، لكن المفاجأة التي سادت في الاوساط المحلية ان هذه الوزارة السيادية لم تعد حريصة على تجديد الكفاءات الإدارية فيها والاستفادة من الخبرات الشابة والمدربة المؤهلة تأهيلا عاليا بل قامت بتجديد عقود عدد من المحافظين والمتصرفين الذين تجاوزا سن التقاعد.
لا شك ان هناك محافظين في الداخلية على قدر من الكفاءة والمهنية تؤهلهم للعطاء المستمر لكن من حق الشباب التعبير عن أنفسهم، وإبراز قدراتهم وإمكاناتهم التي تحتاج لها الوزارة لتبقى في مرحلة شبابها وفي أوج عطائها كما أرادها سيد البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني فالتدرج الوظيفي حق لكل موظف عام صاحب جدارة وكفاءة.. وهذا يتطلب ازالة التشوهات في السلك الوظيفي بحيث يتناسب العمر بالعمر الوظيفي وفقا لاحكام نظام الخدمة المدنية.. ولهذا كلنا امل من وزير الداخلية اجراء مداخلة جراحية للاحباط الوظيفي. وزارة الداخلية سارت باقتدار نحو الإصلاح بمعية الوزير المجالي، ونجحت في المساهمة في حفظ الاردن من اهوال ما اطلق عليه "الربيع العربي"، والان يتوجب على المسؤولين فيها إصلاح البيت الداخلي وضخ دماء جديدة في شرايينها وللحديث بقية.