لا ادري لماذا نختلف على البديهيات، مثلما قال الصديق رائد الناصر من استراليا تعليقا على بوست وضعْته على صفحة الفيس بوك حول الحقوق المدنية لابناء الاردنيات.." انتم وين والعالم وين، ما زلتم مختلفين على البديهيات…".
لقد احتاجت الحكومة، واحتاج الدكتور عبدالله النسور نحو اكثر من عام، وهما يخوضان في قضية بسيطة وسهلة وحقوقية وانسانية ومدنية، لا يجب ان يختلف عليها اثنان، الا اذا تركت الساحات لاصحاب عقلية المؤامرة، وتركيب الفرضيات التي لا يمكن ان تركب على قاعدة.
بعد نقاشات طويلة، ولوبيات ضاغطة من قبل المبادرة النيابية، وتشكيل لجان حكومية، وعشرات الاعتصامات، اقرت الحكومة منح ابناء الاردنيات المتزوجات من غير اردنيين حقوقا مدنية في 6 مجالات، "الصحة والتعليم والاقامة والاستثمار والعمل وقيادة السيارة".
القرار الحكومي جاء قُبيل الدورة البرلمانية، وهو مبادرة حُسن نية لنواب المبادرة الذين ضغطوا لاخراج هذا القرار، حتى لو كان مزايا وليس تجنيسا مثلما كانت المطالبة الاولى، لهذا اكد الرئيس ان القرار ليس وراءه " تجنيس أو تجنيد لابناء الاردنيات..".
بكل الاحوال القرار خطوة الى الامام، لكنها غير كافية، وسوف تبقى الهيئات والمؤسسات الحقوقية تضغط لمنح ابناء الاردنيات حق الجنسية، مثلما هو موجود في معظم دول العالم.
دعونا نتجاوز البديهيات التي يخرج أصحابها علينا إن رُفعت يافطة أو قدّم نائب مداخلة أو اعتصمت أردنيات أمام البرلمان أو رئاسة الوزراء، للمطالبة بحصول أبنائهن على جنسية الأم، ليُتّهموا بأنهم من تيار التوطين والوطن البديل وأصدقاء المشروع الصهيوني، ومشاركون في مؤامرة ضد الأردن.
معظم الدول العربية تمنح الجنسية لأبناء المواطِنة المتزوجة من غير جنسيتها، بعضها بشروط وبعضها من دون شروط ولم يتبق إلا 3 دول من بينها الأردن لا تزال تغلق هذا الملف.
نحن أمام قضية طُرقت مئات المرات، ونوقشت في كل الطوابق السياسية، لكنها بقيت على حالها من دون حل.
إذا كان الحل القانوني لهذه القضية يرتكز على بعدين، سياسي وأمني، وهما بعدان مبالغ فيهما، فإن الحل الإنساني يُرجَّح في معالجة هذه القضية على كل الحلول.
واذا تعثر تجاوز البعدين المبالغ فيهما، فإن البعد الإنساني يضمن على الأقل معالجة القضايا الحياتية التي يعاني منها مئات الألوف من أبناء الأردنيات.
أخطر ما في قضية ابناء الاردنيات وجود عدد من الأطفال بلا جنسية، مع أن المادة التاسعة من قانون الجنسية تنص على أن "أولاد الأردني، أردنيون أينما ولدوا"، لكن القانون نفسه لا يمنح المرأة الحق في إعطاء جنسيتها الأردنية لأبنائها.
في هذه المرحلة والظروف، سوف يكتفي أبناء الأردنيات بمعالجة القضايا الحياتية حتى لا يعيشوا في أزمات نفسانية، تعقد لهم دخول المدارس، والمعالجة الصحية، وهم متنازلون عن الحقوق السياسية، فلا يرغب احدهم بالوصول الى مقاعد مجلس النواب، ولا ينافسون للدخول في اللجان الحكومية.