مصيبة المصائب في هذه الأيام، ان سهام التجريح والاتهامات تنطلق على ألسن أميين، وبكتاباتهم ضد كل من يطرح فكرة جريئة، أو رأيًا مخالفًا لرأي العوام، أو يختلف مع جهة ما، أو حزب أو تجمع ما، تبدأ من طائفي واقليمي لا يريد الخير للبلاد والعباد، وتنتهي بعلاقات مشبوهة مع جهات مخابراتية، حدّ ان تصل الى الموساد الاسرائيلي، بعد ان اصبحت العلاقة مع الـ CIA في نظرهم أقل ضررًا.
في عالم التواصل الاجتماعي الآن، صفحات مفتوحة لكل من هب ودب، بعضهم يتجرأ ويضع اسمه وصورته على صفحته الخاصة، وبعضهم يختبئ خلف اسماء وهمية، ويكيل الاتهامات من كل حدب وصوب، أقلها ان الكاتب الفلاني قبض من جهات محلية او خارجية من اجل الترويج لفكرة ما.
حتى في الاختلاف السياسي الذي من المفترض ان لا يُفسد للود قضية، فإن سهام النقد والتجريح والتخوين جاهزة لتوجيهها الى كل من يختلف معك بالرأي.
في حرب غزة المدمرة، كل من كان ينتقد سلوكًا للمقاومة هو في صف الأعداء، حتى وصلت الاتهامات الى "الصهاينة الجدد" كما يحب جماعات تيار الاسلام السياسي واصدقاؤه اطلاق هذا النعت على كل من لا يوافقهم الرأي.
والآن لا يستطيع المرء ان يعلّق او ينتقد سلوكًا لتنظيم داعش الارهابي حتى يقوم أنصار هذا التنظيم، وأنصار التقسيمات الجديدة بين سنة وشيعة، بالهجوم الوحشي على كل من يدعو الى محاربة هذا التنظيم والخلاص منه.
واذا طرح كاتب قضية جريئة، تهبّ عليه الاصوات النشاز، بان هذه الكتابة مدفوعة الأجر، وانها بتوجيهات من اطراف مستفيدة، وانها ضمن اجندة التقسيم والتفتيت.
للاسف الشديد فتحت وسائل الاعلام الاجتماعي ساحات البطولة الوهمية لكل من تعيش في داخله عناصر النقص والدونية، فتراه يقيم المعارك تحت اسماء وهمية، معتقدا انه يحارب في اليرموك او يشارك في "المعركة الكبرى" التي اعلنت عنها كتائب القسام امس، إن سنوات قليلة تفصل المقاومة الفلسطينية، عن معركة وعد الآخرة لإساءة وجوه اليهود.
حوصلتنا ضيقة في تقبل النقد، ويستغرب بعض اصدقاء "العرب اليوم" كيف تسمح ادارة التحرير بنشر تعليقات على مقالات او تقارير تنتقد كاتبا في الصحيفة او مسؤولًا عن التحرير او احد العاملين فيها، وبعض هذه التعليقات فيها من الاتهامات الساذجة والبائسة التي لا تستقيم مع أي رأي أو منهج، لكننا تحت شعار "لا يستقيم الاصلاح الا بمزيد من الاصلاح" حتى تعالج الأخطاء العابرة، ننشر هذه التعليقات برغم دونية بعضها.