أخبار البلد - محمد ابو رمان
بعد ارتفاع منسوب الحديث عن احتمال تعرّض الأردن خلال الفترة المقبلة لضغوط دولية وإقليمية للدخول في الحرب البرية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، فإنّ ما نقله نواب (من كتلة التجمع الديمقراطي) عن لقائهم مع الملك (قبل يومين لموقع CNN العربي) يعزّز من الرأي الذي يستبعد تماماً هذا التورّط، أو بعبارة دقيقة: المغامرة العسكرية الخطرة.
ربما ساهمت بعض التصريحات الرسمية، وتلميحات دبلوماسيين وباحثين غربيين، في صعود هذا الحديث، سياسياً وإعلامياً، مؤخراً، وتحديداً بعد اجتماع واشنطن (منتصف الشهر الحالي، للقيادات العسكرية المشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش")، وما رافقه من تسريبات وإشارات إلى عدم جدوى الاكتفاء بالقصف الجوي مع عدم قدرة الجيش العراقي و"البشمركة"، وعدم وجود فصيل محلّي سوري يترجم ذلك على الأرض؛ ما يدفع إلى تغيير الاستراتيجية الأميركية واللجوء إلى قوات بريّة تساند القوات المحلية، عراقياً وسورياً، في هزيمة هذا التنظيم.
ومن المعروف أنّ الإدارة الأميركية لن تخاطر بإرسال جنودها لخوض حرب جديدة في المنطقة، كما وعد باراك أوباما الرأي العام الأميركي، وستكتفي بنخبة من المدرّبين والمشرفين؛ ما يعني، وفقاً لهذا التحليل، الاعتماد على جيوش أخرى، على الأغلب عربية، وسيكون الأردن المرشّح الأول لهذا الدور.
مثل هذا السيناريو يستند إلى فرضية تغيير الاستراتيجية الأميركية الحالية، لكنّ ذلك لم يحدث حتى الآن. فمن يتابع التصريحات والتعليقات الأميركية، يجد أنّهم ملتزمون بالاستراتيجية الراهنة التي تركّز على القصف الجويّ والميليشيات المحلية، بخاصة السُنيّة. ولذلك، يتم حالياً تأسيس ما يسمى بـ"الحرس الوطني" السُنّي، وتدريب آلاف من الجيش الحرّ. وتخطط الولايات المتحدة لصراع يستمر أعواماً طويلة، يستنزف "داعش" عسكرياً ولوجستياً، ويحاصره ويحتويه جغرافياً.
إلى الآن، لا يوجد ما يوحي بضغوط غربية أو عربية على الأردن للمشاركة في حرب بريّة، طالما أنّ الاستراتيجية الأميركية لم تتغيّر. وحتى لو حدث ذلك، فلن يكون القرار الأردني سهلاً؛ فهو مرتبط بحسابات دقيقة ومعقدة يدركها "مطبخ القرار" في عمّان تماماً، وفي مقدمتها أنّ مواجهة هذا التنظيم عسكرياً لا يمكن أن تنجح طالما أنّ هناك أزمة سُنيّة عميقة ذات طابع سياسي هي التي تقف وراءه، وطالما أنّ السُنّة ما يزالون عالقين بينه وبين النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة، وتحديداً في المثلث العراقي-السوري-اللبناني.
مثل هذه التعقيدات لها انعكاساتها وتداعياتها حتى على الرأي العام الأردني، الذي وإن أظهرت المؤشرات والاستطلاعات بأنّ أغلبيته المطلقة الكبرى ترى في "داعش" تنظيماً إرهابياً، وترفض ممارساته وخطابه، إلاّ أنّ هناك زوايا أخرى في الحرب الراهنة تؤخذ بالاعتبار. فلن يكون مقبولاً إرسال الجندي الأردني إلى مناطق خطرة ومرعبة لمواجهة تنظيم المفخّخات والانتحاريين وقطع الرؤوس، بينما تنأى الإدارة الأميركية بالجنود الأميركيين عن ذلك!
بالضرورة، فإنّ أيّ سيناريو مستقبلي مرتبط بالظروف والمتغيرات وتطوّر الأحداث الإقليمية. وربما ما يحدث في "كوباني" الكردية هو نموذج على الاختلاف في وجهات النظر حتى في داخل حلف "الناتو" بين الأتراك أنفسهم والإدارة الأميركية؛ كما نموذج على هشاشة التحالف الراهن.
طالما أنّ "داعش" لا يشكّل خطراً محدقاً، وأنّ امتداده الإقليمي إلى هنا، ليس وارداً؛ لاختلاف المعطيات الاجتماعية والديمغرافية، فإنّ الأردن لن يزجّ بأبنائه في هذه الحرب، إلاّ إذا تغيرت تماماً المعطيات الحالية، وهو أمر مستبعد. فأولوية "داعش" هي بغداد وسامرّاء وحلب ودير الزور، ولن يورّط التنظيم نفسه، على المدى المنظور، بالاشتباك مع نموذج مختلف تماماً عن الحالات التي نما وصعد فيها.
ربما ساهمت بعض التصريحات الرسمية، وتلميحات دبلوماسيين وباحثين غربيين، في صعود هذا الحديث، سياسياً وإعلامياً، مؤخراً، وتحديداً بعد اجتماع واشنطن (منتصف الشهر الحالي، للقيادات العسكرية المشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش")، وما رافقه من تسريبات وإشارات إلى عدم جدوى الاكتفاء بالقصف الجوي مع عدم قدرة الجيش العراقي و"البشمركة"، وعدم وجود فصيل محلّي سوري يترجم ذلك على الأرض؛ ما يدفع إلى تغيير الاستراتيجية الأميركية واللجوء إلى قوات بريّة تساند القوات المحلية، عراقياً وسورياً، في هزيمة هذا التنظيم.
ومن المعروف أنّ الإدارة الأميركية لن تخاطر بإرسال جنودها لخوض حرب جديدة في المنطقة، كما وعد باراك أوباما الرأي العام الأميركي، وستكتفي بنخبة من المدرّبين والمشرفين؛ ما يعني، وفقاً لهذا التحليل، الاعتماد على جيوش أخرى، على الأغلب عربية، وسيكون الأردن المرشّح الأول لهذا الدور.
مثل هذا السيناريو يستند إلى فرضية تغيير الاستراتيجية الأميركية الحالية، لكنّ ذلك لم يحدث حتى الآن. فمن يتابع التصريحات والتعليقات الأميركية، يجد أنّهم ملتزمون بالاستراتيجية الراهنة التي تركّز على القصف الجويّ والميليشيات المحلية، بخاصة السُنيّة. ولذلك، يتم حالياً تأسيس ما يسمى بـ"الحرس الوطني" السُنّي، وتدريب آلاف من الجيش الحرّ. وتخطط الولايات المتحدة لصراع يستمر أعواماً طويلة، يستنزف "داعش" عسكرياً ولوجستياً، ويحاصره ويحتويه جغرافياً.
إلى الآن، لا يوجد ما يوحي بضغوط غربية أو عربية على الأردن للمشاركة في حرب بريّة، طالما أنّ الاستراتيجية الأميركية لم تتغيّر. وحتى لو حدث ذلك، فلن يكون القرار الأردني سهلاً؛ فهو مرتبط بحسابات دقيقة ومعقدة يدركها "مطبخ القرار" في عمّان تماماً، وفي مقدمتها أنّ مواجهة هذا التنظيم عسكرياً لا يمكن أن تنجح طالما أنّ هناك أزمة سُنيّة عميقة ذات طابع سياسي هي التي تقف وراءه، وطالما أنّ السُنّة ما يزالون عالقين بينه وبين النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة، وتحديداً في المثلث العراقي-السوري-اللبناني.
مثل هذه التعقيدات لها انعكاساتها وتداعياتها حتى على الرأي العام الأردني، الذي وإن أظهرت المؤشرات والاستطلاعات بأنّ أغلبيته المطلقة الكبرى ترى في "داعش" تنظيماً إرهابياً، وترفض ممارساته وخطابه، إلاّ أنّ هناك زوايا أخرى في الحرب الراهنة تؤخذ بالاعتبار. فلن يكون مقبولاً إرسال الجندي الأردني إلى مناطق خطرة ومرعبة لمواجهة تنظيم المفخّخات والانتحاريين وقطع الرؤوس، بينما تنأى الإدارة الأميركية بالجنود الأميركيين عن ذلك!
بالضرورة، فإنّ أيّ سيناريو مستقبلي مرتبط بالظروف والمتغيرات وتطوّر الأحداث الإقليمية. وربما ما يحدث في "كوباني" الكردية هو نموذج على الاختلاف في وجهات النظر حتى في داخل حلف "الناتو" بين الأتراك أنفسهم والإدارة الأميركية؛ كما نموذج على هشاشة التحالف الراهن.
طالما أنّ "داعش" لا يشكّل خطراً محدقاً، وأنّ امتداده الإقليمي إلى هنا، ليس وارداً؛ لاختلاف المعطيات الاجتماعية والديمغرافية، فإنّ الأردن لن يزجّ بأبنائه في هذه الحرب، إلاّ إذا تغيرت تماماً المعطيات الحالية، وهو أمر مستبعد. فأولوية "داعش" هي بغداد وسامرّاء وحلب ودير الزور، ولن يورّط التنظيم نفسه، على المدى المنظور، بالاشتباك مع نموذج مختلف تماماً عن الحالات التي نما وصعد فيها.