تجمع عشيرته عليه كما يجمع القوم على عقيدهم. 

يتميز بتفرد شخصيته وهدوءه الجم وأدبه، ولطالما عد من نجوم مجلس النواب منذ دخله عام 1989، وهي نجومية عاقلة، بلا صوت عال أو كثير ضجيج. 

ولد محمد طلب مسلم أبوعليم في حمامة من أعمال المفرق عام 1949، وفي فضاءاتها نما وشب وعشق ترابها ومطرها وزوابع رمالها وسمر رجالها، في مضارب بيوت الشعر التي تعلم منها الكثير، وبقي على عهدها.. عهد الريح واليسر والاصالة. 

والده الشيخ طلب لم يقفل باب منزله الخارجي بالمفرق لمدة اربعين عاماً، لكي يصله مباشرة كل طالب حاجة او ملهوف، وهو وبشهادة كل من قصده وطلبه كان شيخا بمعنى الكلمة قاضيا لحاجة الملهوف ومغيثا لكل محتاج. 

في تلك الاجواء نشأ الابن محمد.. ومجالس والده كانت مدرسته الاولى التي يحن اليها كلما تقدم به العمر واختلفت احوال الناس. 

وعل خلاف كثير من مجايليه، أحب العلم وسعى الى الاستزادة منه، وأن يحاول ما استطاع سبيلا. 

مدرسة المفرق الثانوية درس فيها الابتدائية وحتى الثانوية، ثم شد الرحال الى عروس الشمال، ليقدم امتحان الثانوية العامة في مدرسة اربد الثانوية في القسم العلمي. 

بعد انهائه الثانوية ودع هدوء ربى المفرق وطرقاتها التي تمتد، وسافر إلى ارض الاغريق، دارساً للطب في جامعة أثينا. 

في تلك السنوات كان يمكن تمييز الشاب أبو عليم بسهولة، بقامته الشاهقة وسمرته البادية وكتبه وانكبابه على التعلم والانغماس الحضاري في بلد ، منه كان مبتدأ الحضارة في القارة الاوروبية. 

وفي تلك السنوات استهوته السياسة، فكل شيء في حياتنا في هذا الشرق.. سياسي بامتياز. 

انهى دراسته في الطب عام 1976. 

حين عاد يسابقه فؤاده الى أرض الوطن، حرص أن يتنشق هوائه ويمتع عينه بسمائه، ويلقي برأسه على صدره.. صدر الحبيب. 

خدم أبو عليم طبيباً برتبة ملازم أول في المدينة الطبية ، ثم صار قائد مركز طبي عمان ورئيس لجنة المجندين. 

استقال من الخدمات الطبية بناءً على طلبه1980 برتبة نقيب، وسافر الى الولايات المتحدة حيث عمل طبيباً مقيماً للأطفال في كلية الطب وعضو هيئة تدريس- جامعة رش (RUSH Medical College ) شيكاغو-الولايات المتحدة الأمريكية1982 . 

وكا هو قدر الكثيريين، تغرب أبو عليم وعمل طبيباً مقيماً للأطفال بمستشفى حمد الأميري في دولة قطر عام 1987. 

يصفه مقربون منه بانه "انسان قبل اي شيء آخر، هاديء الطبع، صديق صدوق، يؤمن بأن ليس كل ما يعرف يقال، يؤمن بالاساليب العلمية في عمله وحياته". 

يجمع صحفيون على ان النائب أبو عليم كان من اكثر النواب أناقة وتعاونا معهم، وإن كانت جماهريته من النوع الهاديء. 

جاء أبو عليم عضواً في مجلس النواب الأردني الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، كما جاء وزير دولة عام 1996. 

لاسبابه.. وهي كثيرة، ومعظمها مصيب، انكب على الاعمال الحرة منذ 2002، واحرز نجاحاً كبيراً.. فضلا عن كونه عضو مجلس أمناء الجامعة الأردنية. 

في واحدة من المفارقات انه استضاف اسلاميين في المفرق على طعام عام 2011، فخرج المتصيدون ليقولوا ان ابوعليم غير جلده ولديه اجندة خاصة، فرد باصدار بيان محكم، اكد فيه على ثوابته وثوابت عشيرته، منه نقتطف: توضيحا للحقائق ودحضا للافتراءات والأقاويل بشأن ما تم تداوله تحت عنٍوان "أبناء عشيرة العليمات يولمون لقيادة الحركة الإسلامية " وهذه هي شيم الأردنيين إكرام الضيف. 

وتجنبا للمزايدات الرخيصة والتي ننأى بأنفسنا عنها والخوض فيها والتي لا تخدم الوطن والمواطن وإنما تخدم أصحاب الأجندة الخاصة الذين يصطادون بالماء العكر والمتسلقين:-" أن قيادتنا الهاشمية المظفرة والتي تستمد شرعيتها التاريخية والدينية والدستورية راسية كرواسي الجبال الشامخة وهي خط احمر غير قابل للنقاش والحوار وكنا وما زلنا أردنيي الانتماء هاشميي الولاء ملتزمين بالثوابت الوطنية التي اجمع عليها الأردنون من شتى الأصول والمنابت. والحركة الإسلامية في الأردن هي أحدى شرائح النسيج الوطني الأردني ومن الأحزاب المرخصة على الأرض الأردنية، و الذين شهد لهم جلالة الملك الباني المغفور له الملك الحسين بن طلال رحمه الله وجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعزز أطال الله عمره بدورهم ومواقفهم الوطنية في ظروف عصيبة مرت على الأردن". 

وخلص للقول: "إن استضافتنا لرموز الحركة الإسلامية يوم الجمعة الموافق 6/5/2011م ، تأتى من قبيل محاورتهم والاستماع إلى وجهات نظرهم في الإصلاح تجسيدا للنهج الذي تعلمناه من قائدنا المفدى بأن الولاء لا يتعارض مع الإصلاح ". 

وفي لفتة مريرة، كتب ابو عليم في نفس العام عن تزوير الانتخابات، قائلا؟: الأيادي الخفية مهمتها تطبيق سياستها فرق تسد. وإثارة النزاعات والطائفية والمظاهرات، وإفساد الانتخابات وتشكيك الشعب وإقناعهم أن مجلس الشعب لا يمثلهم. 

عدا ما يسوء أبو عليم من تطورات السياسة، وتغير احوال الناس، يحب ان ينظر من نافذة مكتبه الى اشجار السرو والصنوبر في يوم شتائي، موقنا انها تبقى شامخة.. برغم كل شيء.