خلافاً لكل الشكاوى.. نحن بألف خير، فقد دفعنا اكثر من خمسة عشر مليون دينار لقضاء اجازات العيد في تركيا أو مصر او لبنان.. على متن اكثر من سبعين طائرة (تشارتر) حملت حلم الاجازة السعيدة التي يتمناها المواطن لكنها لا تتحقق بالضرورة..
بعد كل عطلة عيد.. ذات العناوين تطالعنا كتقليد راسخ يشي بأكثر من الرقم ويتحدث عن حقائق لا تتغير في علاقتنا مع الاجازة ودرس اعرف وطنك.. وتطلعنا على حقيقة ما نتعرض له من صمت رسمي مُطبق على مخالفات تأتي على المواطن من مكاتب سياحية متنفذة او أصحابها على الاقل تستغل بحث المواطن عن فسحة هواء "يشمها"..!؟
حسب مسؤولين.. الأردنيون أقبلوا على الرحلات الخارجية بالنظر الى ارتفاع أسعار الفنادق في البحر الميت والعقبة، حيث تبلغ تكلفة ليلة واحدة في فندق (خمس نجوم) في البحر الميت أو العقبة، ما تكلفه 3 ليال في شرم الشيخ، أو ليلتين في اسطنبول.. ورغم ذلك تَعرضَ الكثير منهم لالعاب البرامج و(الباكيجات) ومواقيت السفر والعودة ومغادرة الغرف والانتظار في المطارات لساعات طويلة وتغيير التصنيف.. وما المسموح به وما الممنوع او المدفوع.. هذا في الخارج..!
اما في الداخل فنسبة الاشغال الفندقي تقترب الى المستويات الاعلى لكن بذات المعايير.. اسعار خرافية وخدمات عادية ووجوه تعجز عن رسم ابتسامة صناعية على قاعدة من الكشرة الطاغية.. وشروط تعجيزية ولا عروض او (باكيجات)..غير مسموح الا بالدفع .. وهنا درس التربية الوطنية إعرف وطنك.. يتحول مرة واحدة الى درس اقتصادي في العرض والطلب او حتى الى المثل الشعبي "اللي ما معو ما بلزمو.."!!
اما نحن، فحكايتنا مع السياحة والسفر.. قصة اخرى.
اينما سألت سائحا اجنبيا في تركيا كيف ترى الفندق.. يجيبك بثقة "المكان خلاب والبيئة ساحرة.. الهدوء هنا خيالي" تسأل سائحاً اردنياً ذات السؤال فتأتيك الاجابة بنفس الثقة "الاكل هنا غير طبيعي.. عندهم عشرين مطعما احسن من بعض"..!
اينما نذهب في شرم الشيخ نرى اناسا كنا معهم قبل ايام في عمان.. نقضي ايامنا سلامات لابو فلان وتكمل زوجاتنا قصص بدأنها في عمان مع جارة او صديقة قابلناها صدفة في شارع مشاة.. نشعر اننا لم نغادر الاردن .. و"لا سياحة ولا مايحزنون"..!
نعرف اننا محاطون بمواطنين اخوان لنا حين يكسر صوت اطفال هدوء المكان أو حين يخترق مزاح شباب ينكتون بصوت مبتذل او يغنون وسط مطعم راق "تي رش تي رش"..!
في فنادق بيروت وحين تتكرر الصورة نفسها.. نصبح (بقدرة قادر) اكثر هدوءاً ونبدأ نلفظ اسماء المحال بلكنة لبنانية فرنسية حتى تكتمل جوانب الرحلة فنذكر جونيا بتخفيف الجيم، ونحول الاسماء الى مخارج اسماء تبدو للسامع غريبة عجيبة..
اينما ذهبنا في تركيا او اليونان او اسبانيا او حتى شرق اسيا.. نبدأ بالتخابث على انفسنا لندعي ان تقدمهم ونجاحهم لم يأتي الا بتوافر هذه الطبيعة الخلابة والماء الوفير والشواطيء والانهار الجارية والمساحات الممتدة والشوارع المتسعة والغابات ونقاء الجو..لانقترب من الانسان ابدا..!
لا نتحدث ابدا عن ايمان شعوب هذه الدول بقيمة العمل والجدية والجودة والاحترافية وعدم الغش والصدق.. بل نتحدث ببساطة عن صعوبة عقلية (الاتراك) او كسل (الطليان) او مزاجية (الاسبان) او حتى ضحالة (الهنود)..اما نحن فبألف خير!!
نقارن بين الدول التي نزورها في العيد وبين بلداننا باستحياء شديد وبنكتة "زي عنا بالضبط".. ونذهب ابعد لننتقد تطبيق القوانين في هذه الدول بما يزعج مزاجيتنا وتقليدنا الراسخ في كسر القانون والتحايل على التعليمات.. ثم نعود وبعد ان نتعدى الجوازات نعود للشكوى من عربات المطار ومقاعده ومواقفه وتأخر انجاز طريقه وازمة السابع واشارة مكة.. ندخل بيوتنا وننسى الاجازة وننام..!