أخبار البلد- عمر شاهين -بما أن هذه الأسابيع تشهد مراجعات سياسية، وإعادة قراءة للأسابيع الماضية ، فقد تشجعت لفتح موضوع يختص في الانتخابات البرلمانية، ويتعلق في حزب الجبهة الأردنية الموحدة ، والذي فاجأ الساحة  السياسية في محافظة الزرقاء حينما وجه عددا كبيرا من كوادره لدعم مرشح يساري ليس من الحزب وهو النائب بسام حدادين.
 ولا أريد هنا أن أعود بعد كل هذه الأشهر لأدخل بجدل حجم الدعم، أو ماذا قدم الكوادر حقا لبسام ومن خذله أو انتخبه، ومن قام بواجبه بأمانة حزبية أم تعامل معه بطريقة المقابل و والأجر ، فهذا له شواهد كثيرة وواضحة، ولكنني طوال أشهر ماضية اشرح الهدف السامي لهذه الخطوة التي كانت بعيدة عن تبادل المكتسبات.
وجدت هذا الأسبوع جوابا مقنعا ، بعد ظهور النائب بسام حدادين في برنامج "بين اتجاهين " الذي يقدمه الإعلامي زهير العزة لقناة سفن ستار واستضاف مقابل حدادين مدير المكتب السياسي لحزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ زكي بني رشيد، وتمكن حدادين من إظهار معنى النائب السياسي الذي يمتلك المنطق ومواجهة الحجة، والمعرفة الواسعة في خبايا المعارضة ووضع بني رشيد في زاويا ضيقة، بالرغم من أن الحكومة وكتابها وإعلاميها يهربون حينما يسمعون اسم بني رشيد.
  إعادة الحلقة وجدت حضورا أكثر من بثها في المرة الأولى، وأخبرت معظم أصدقائي بمتابعة الإعادة،وخاصة من جادلني مسبقا بسام حدادين،  وأصابهم الإعجاب،  بطريقة الطرح المميزة في هذه الفترة الحرجة التي لا يجد الإخوان المسلمين من يواجههم، بطريقة سياسية عارفة لمداخل الإخوان المسلمين ، ولبسام حدادين خبرة واسعة معهم حينما كان أفرادهم يلاحقونه عام 1989 ليفسدوا عليه مهرجاناته، رفضا منهم من انزياح المخيمات ومحبي المقاومة لوهب الأصوات لنائب مسيحي ، فقد كان اليسار لا يزال يشكل رعبا لليمين الاخواني المتحالف مع الحكومة في الداخل والمعارض الثوري على المنابر.
 طبعا لم يظهر بسام حدادين في تلك الحلقة بل له وجود فعال منذ عام 1989 ، مهما اختلفنا أو اتفقنا معه، لكنه كان دوما متميزا، يطالع ، ويقرا، ، وبصراحة يعجبني  تغيره لأساليبه الانتخابية والتي تنم عن تطور في حراكه السياسي والاجتماعي، ففي كل دورة انتخابية كان يغير من طريقة تحركه في الشارع الزرقاوي.
دعم بسام حدادين من حزب الجبهة الأردنية الموحدة كان من قبل رئيس مجلس المحافظة عماد المومني شخصيا، وهو القيادي المحوري والاهم في محافظة الزرقاء لأبناء الحزب، والذي يملك كرزيما مؤثرة وغريبة عليهم، والمومني له ميل لا صحاب الفكر اليساري ودعم هذا بصداقة كبيرة مع بسام حدادين، وجاء اختيار دعمه دون أي اتفاق مشروط لا من حيث قدرة الحزب ، أو ما يقدمه النائب بعد فوزه ، الفكرة سياسية سامية دعم مرشح مميز ذو خبرة لتقوية اسم المحافظة والمجلس القادم.
طبعا هناك تشويه كبير ففي عقل المواطن الذي لم يعد يتفهم سوى نائب خدمات يمسك يد المواطن ويدور به من دائرة حكومية إلى أخرى، أما النائب السياسي الذي ظهر في جميع محافظات المملكة في عام 1989 فقد تم إضعافه في قانون الصوت الواحد وتنامي النائب متعهد الوظائف، وهذا لا يعني أن حدادين ليس بنائب خدمات، ولكن ليس بالمفهوم الذي صار متعارف عليه منذ سنوات.
المومني  حمل  فكرة أن الكثير من المرشحين الضعاف أو الأقوياء ليس لهم باع سياسي ،والوطن يحتاج إلى نائب  مخضرم، وهذا ما ثبت صحته بعد بدء الدورة الأولى، وطبعا لم يفضله الحزب على أعضاء مرشحين ففرص الفوز لها قراءة واضحة لا يمكن تجاوزها نظريا، بان يغامر الحزب بترشيح أعضاء لا يوثق بفوزهم، أو دعم نائب لا يملك البعد التاريخي الواضح.
ومع اقتراب نهاية الدورة الأولى للبرلمان أؤكد أن حدادين مثل أفكار الحزب أكثر من نواب الحزب أنفسهم أو المتحالفين معهم في كتلة "الشعب" أو المنقسمة" "التغير " فالتمثيل لا يكون بالانتماء لكتلة أو تصويت أو توافق للنائب واللجان بقدر تمثيل الفكرة والمستحد من الهم الحزبي والرؤية الواسعة.
 مخطئئ من كان له أدنى اعتقاد بان هناك تحالف ممكن أن يكون بين نواب الحزب وبسام حدادين بعد فوزه فهذا لا يقبل في المنطق السياسي ، ومكان حدادين كما هو الآن في كتلة التجمع الديمقراطي، لان القاعدة التكوينية لحزب الجبهة الأردنية الموحدة تميل إلى القومية أكثر من اليسارية حتى لو وجد الفكر اليساري بين الكثير من القياديين.
 طبعا هذا ليس حماسا مني على الحلقة التي أبدع بها حدادين بكل تميز وقدم لنا ما نتمنى من ظهور نائب ، يملك مفاتيح السياسة وقادر أن يدافع عن المجلس الذي يمثله ويستطيع أن يصنع حوارا جدليا مع مجلس النواب، ولعل الحلقة تعطي تصورا للناس عن أملنا في البحث، عن نائب وطن يستطيع أن يعي مجريات الحركة السياسية ، فنائب الخدمات حينما يتحول إلى مندوبي وظائف سيكون اهانة للمجلس ولنفسه، وهذا لا يعني أننا نؤيد خدمات النائب ولكن ليس على حساب عطائه السياسي.
وبحسب ظني أن حدادين لم يتغير منذ عام 1989 كما يسعى خصومه للترويج بل ما حدث أن اليسارية نفسها تغيرت، وفرض المنطق النتاج من العولمة والأحادية السياسية إلى ظهور الطرح اليساري الاجتماعي حتى في أمور المقاومة والاقتصادية، وهذا واقع اقتنعت به الكثير من الحركات اليسارية وأما التحالفات الخفية مع الحكومات فهو ليس ذنبا بل انسياق طبيعي ممارسه الكثيرون في الوطن العربي ومنهم بسام حدادين والإخوان المسلمين.
أرجو أني لم أقحم نفسي بالإجابة عن ما أفكر به نيابة عن صديقي عماد المومني ورئيسي في الحزب، ولكنها رؤية احملها، وإجابة أظن أنها وصلت، سيما أن برأي التمثيل الحزبي للبرلمان لا يكون بالكتلة بل بمن يمثل مطالبك السياسية وما زلت أصر على النائب حدادين  بضرورة البدء في كتاب يجمع مقالاته في الغد وكذلك تقيمه لحالة الانهيار النيابي ومسببابته التي بدأت في أثناء صناعة مجلس الخامس عشر وما لات مستمرة وسيكون الأفضل أن عاد إلى كتابة  مذكرات وتحليلات نيابية تبدأ من عام 1989 وحتى وصوله إلى الخاتمة.
Omar_shaheen78@yahoo.com