كنت قد كتبت مقالا أشيد فيه بدائرة الترخيص الأحد 8/6/2014،
وكان ذلك رأيي ولا يزال، ولن يتأثر بقيام عريف سير بمخالفتي قبل فترة أثناء شرائي "الخبز" لدقائق أمام بوابة المدينة الرياضية رقم 3، وعندما أوضحت له بعدم وجود إشارة ممنوع الوقوف أشار إلى إشارة بعيدة.
على كل لا أريد مناقشة الموضوع من زاوية شخصية إنما هي فرصة لتناول الموضوع من زوايا أخرى.
إن السلطة التقديرية التي يمنحها القانون لرقيب السير بمخالفة أو عدم مخالفة سيارة من دون رقابة على هذه السلطة لا تختلف في جوهرها عن أي سلطة أخرى إلا بمدى اتساع نطاقها وتصغير أو تكبير دائرة الصلاحيات لهذا الموظف أو ذاك. كما أن إعطاء أي شخص سلطة مطلقة من دون وجود فرصة للتظلم من القرار أمام مسؤول إداري أو رئاسي أعلى هو انتقاص لحقوق وحريات المواطنين.
إن عدم وجود نظام للتظلم الرئاسي أو الإداري لمخالفات السير فيه إهدار لحقوق المواطن تجاه التنفيذ المباشر للسلطة التنفيذية.
كما أن الذهاب إلى المحكمة على أمل إلغاء مخالفة قيمتها خمسة عشر دينارا يعني هدرا للوقت ربما تزيد قيمته عن هذا المبلغ.
وهناك شعور عام لدى كثير من المواطنين أنه يتم مكافأة الشرطي الذي يقوم بتعبئة دفتر المخالفات بأكبر سرعة ممكنة. ولا يعدم أي واحد منا إيراد أمثلة عن قيام رجل السير بالإسراع إلى كتابة المخالفة وكأنه يتصيد المخالفين أكثر من رغبته في ردعهم وقائيا وتنبيههم إلى المخالفة.
إذا شعر المواطن أنه تمت مخالفته ظلما فلن تردعه المخالفة عن تكرارها بل سيعمل بالعكس ويصبح مكررا وبما أن عدد رجال السير أقل من عدد السائقين في الأردن فسيكون هناك دائما مخالفات وهو الأمر الذي لا نرغبه، أما إذا اقتنع المواطن بعدالة الإجراء الذي تم معه فأنا متأكد أنه سيرتدع أخلاقيا قبل خوفه من قيمة المخالفة المادية.
إن السلطة التقديرية لأي إنسان على وجه الكرة الأرضية توجد البيئة المواتية للانحراف بالسلطة حتى لو كانت أخلاقه أخلاق الأنبياء، ففي لحظة غضب قد يتعسف بهذه والصلاحيات التي تمنحه إياها.
لاحظ كيف يتوسع الموظف الصغير بتفسير الصلاحيات الممنوحة له سواء كان هذا الموظف مراقبا لسوق الخضار أو موظف استعلامات في شركة أو مسؤولا عن إصدار أي وثيقة لمواطن فيبدأ بالطلب من المواطن مراجعة دائرة المتابعة والتفتيش واحضار فاتورة مياه ودفتر العائلة وجواز السفر، أما إذا كنت تعرف موظفا في تلك الدائرة فيتم إلغاء كل الطلبات السابقة وتنهي معاملتك بدقائق.
كثير من التعقيدات الإدارية التي تتم في الأردن سببها مطاطية التعليمات والصلاحيات التقديرية الواسعة المنوطة بالموظفين. وعندما تجد نصا قانونيا يبدأ بعبارة يجوز.. وللمسؤول.. وليس على المسؤول.. فاعرف أن هذا الفعل الجوازي وليس الوجوبي هو الذي يتيح الانحراف بالسلطة.