إذا كان بعض كتابنا، وبعض محللينا السياسيين، لا يرون في الصواريخ التي تنزل على كل المناطق الاسرائيلية تطوراً مهماً في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، فتلك مشكلتهم، وإذا كانوا يعتبرون أثر تلك الصواريخ لا يتعدى أن « بضعة أشخاص إسرائيليين أصيبوا بالهلع من أصوات قذائف صاروخية سقطت بالقرب من منازلهم» كما كتب أحدهم، فهناك على ما يبدو حالة من العمى السياسي والوطني.
وبعيداً عن مشهد بنيامين نتنياهو وهو يسارع في مغادرة مؤتمره الصحافي، إثر سماعه صفارات الإنذار، وهذا دليل واضح على تأثير الصواريخ، وبعيداً عن نوم «اسرائيل» في الملاجئ خمس ليالٍ متواصلة، وهذا يمثل عدة ملايين وليس مجرد بضعة أشخاص، وبعيداً عن مقاطع الفيديو لهواة تؤكد إصابات دقيقة لمواقع مهمة.
بعيداً عن هذا كلّه، فنحن نشهد للمرة الاولى في تاريخ الصراع الطويل المرير صواريخ تُطلق من أراض فلسطينية على أراض فلسطينية محتلة بعيدة، وتحمل معاني سياسية واقتصادية وتاريخية مهمة، كتل ابيب وحيفا والقدس الغربية والمستوطنات، وهذا، في قناعتنا، كان قبل عشر سنوات من أحلام اليقظة.
الغريب، في ما يكتبه هؤلاء، أنه يدّعي الحرص على أرواح الفلسطينيين، ولكنه لا يتذكر ان هذه الأرواح تقابل ربها من اجل فلسطين، ومقابل التأكيد على أن روح المقاومة والتحرير لا تموت، في وقت تذهب عشرات آلاف الأرواح العربية المسلمة والمسيحية مجاناً في ديار العرب، وبصواريخ عربية، وتجد من هؤلاء الكتاب من يؤيد ذبحها بدعوى تحرير الاراضي العربية من أنظمة عربية، في ما يسمى بربيع عربي.
وإلى ذلك، فالرقابة العسكرية هي التي تسيطر، الان، على كل وسائل الاعلام الاسرائيلية، وقد استمعنا الى مسؤول «نجمة داود» يعلن مقتل إسرائيلي حرقاً في سيارة في أشدود، ولكنه عاد بعد ساعة ونفى الامر، فقالت له المذيعة على القناة العاشرة: هل وصلك اتصال ما لتنفي حدثاً قلت انك رأيته بأم عينيك؟!
يبقى أننا في أيام معركة مهمة في حرب طويلة، ستدوم سنوات وسنوات، بدأت باحتلال فلسطين على مرحلتين، وستتواصل حتى تحريرها على مراحل ومراحل، وحتى ذلك الوقت نأمل ممّن لديه كلمة خير ان يقولها، أما الذين يرتجفون ويتحسبون والمصابون بالعمى فنقول لهم: صمتكم هذه الأيام من ذهب.