قصة داعش تخضع لتوظيف كبير، والتنظيم يتم نفخه فوق حجمه الأساس، فوق مصيبة ربط سنة العراق وسورية، بداعش، باعتباره الملاذ الوحيد لهم.
في هذا الربط سوء سمعة أمام العالم، بلا استثناء، وفي هذا الربط ذكاء خارق في سياق ترتيب المعسكرات التي سوف تتقاسم المنطقة، فلا مكان لمن يهللون لداعش!.
غير أن داعش تكشف ما هو اخطر، التوظيفات الايجابية والسلبية، ومن تلك السلبية توظيف كل القصة للقول للعرب والعالم، ان هذه هي النسخة الوحيدة المتوفرة من الاسلام حاليا، وهي نسخة دموية وغير عاقلة.
مع هذا تتدفق المواد الاعلامية التي لا يعرف أحد مصدرها الاساس، وهي مواد تتندر على التنظيم، تارة بإصداره جوازات سفر لا احد يعترف بها في العالم، وتارة بإصدار لوحات سيارات، والاغلب ان كل هذا نتاج الغرافيك وخبرائه.
تارة يتندرون بأسماء وزارات أسسها التنظيم بحيث تصبح وزارة الخارجية، وزارة الكفرة والعلاقات مع المرتدين، ووزارة المالية، وزارة أهل الذمة ووزارة الداخلية وزارة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتندر يخلط بين التندر عليهم، والتندر على الاسلام للاسف.
التوظيفات الايجابية بالنسبة لاصحابها، لا تختلف في السذاجة عن تلك السلبية، فالبعض يهلل ويصدق ان هذه فتوحات اسلامية، وآخر يعتقد ان هذه بذرة لدولة اسلامية، وثالث يغمض عينيه عن الخليفة المصنوع في المختبرات، والذي يلبس ساعة سويسرية في خطبته في الموصل، قدرت قيمتها وسائل اعلام بريطانية بآلاف الدولارات، وآخرون يريدون ان يقنعونا ان هذا هو الاسلام، مجرد لباس ومظهر، وقتل للشيعة والاكراد والعلويين والدروز والمسيحيين، وكل الملل الاخرى، بحيث نبقى وحدنا.
يشتد الانزلاق أمام قصة داعش التي يتم توظيفها من الجميع، ولا احد يتوقف عند القصة الاخطر، قصة توظيف شبح داعش لبث الاضطراب في المنطقة، وتهديد الدول، وارباك الجيوش، وتخريب الاقتصاديات، وتشويه سمعة المسلمين في العالم، باعتبارهم اما داعش واما داعش في احسن الحالات.
في الظلال هنا ما هو اذكى، اي تنفير الناس من اي عنوان اسلامي، ففي هذا الزمن، وامام هذه الالتباسات والفتن، يصير المرء امام خيار واحد، الطلاق مع كل عنوان، لان المرء لم يعد يعرف الفرق بين الصحيح والخطأ، ولان الاسلم تجنب كل هذه المزالق، والارتداد النهائي، يأس الناس، وشعورهم ان كل تنظيم اسلامي، مؤهل لقتل اي احد، باستثناء اي اسرائيلي.
ذات «الخليفة»، تحدث عن كل شيء، باستثناء فلسطين، وهذه بحد ذاتها ملعوبة بذكاء شديد، من جانب المختبرات، التي جذبت الشباب الابرياء، وقادتهم عبر واجهات يعملون معها فعليا.
ما يراد قوله اليوم، ان علينا التنبه الى ان كل قصة داعش يصدقها العوام، ولا يريدون ان يصدقوا ان رؤوسا خفية هي التي تدير اللعبة، وتعجب لتعلق البعض بأي انتصار حتى لو كان قتل شرطي مسكين، لمجرد تكفيره، من جانب اعضاء التنظيم، الذين لايعرفون فعليا، في بئر من يصبون مياه خدماتهم؟!.
ألا يكفينا ادراكا لهذا المشهد المدار جيدا، هذه النتائج الاولية من بث الاضطراب في الدول والشعوب، ورفع منسوب القتل والاقتتال، وتشويه سمعة المسلمين، وإراحة اسرائيل من المواجهة.
المثير للغثيان هنا تورط شخصيات اسلامية في «الفلم» ودخولها على خط الفتوى للافتاء بعدم شرعية الخليفة، واحزاب تعلن انها لن تبايع الخليفة، وهكذا تتواصل الاستدراجات المرسومة بدقة في سياق كهربة المنطقة، واذكاء الحرب فيها، وتشويه سمعة المسلمين، باعتبارهم اما دواعش او انصار دواعش؟!.
ثم يسألك البعض: هل بايعت الخليفة، فإن لم تبايعه بيدك، فعليك ان تبايعه بقلبك، فترد عليه، ان يعطينا الدليل على ان الخليفة هبة سماوية هنا، وان كل هذه اللعبة غير مصنوعة في المختبرات، لهدم آخر ما تبقى من حجارة المعبد في هذه المنطقة؟!.
يكفينا ربط السنة بداعش، ليقال للعالم: انظروا، الارهابيون والقتلة يتحالفون معا، لانهم من جذر واحد، وهذا يستدعي طرق رؤوسنا من كل ملل الدنيا،بالمطارق، باعتبارنا رعاة رسميين لهذه النسخة المزورة من الاسلام.
«وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»..صدق الله العظيم.
MAHERABUTAIR@GMAIL.COM