سُبحان الذي يُغيِّر ولا يتغيَّر...؛ فلقد تغيَّر ردّي الذي علّقتُ به على مقالة الكاتب صالح القلّاب والمنشورة بتاريخ الثاني من آذار للعام الحادي عشر بعد الألفين، والتي جاءت بعنوان: حكاية (نبض شارع) في مساحة مقالات مُختارة لصحيفة (عمّون) الألكترونيّة إلى مقال، حيث أنّ (ردّي ع المقالة) لم يرى النّور في خانة الرّدود مثلي مثل (باقي خَلق الله) من الذين تمّ لهم ذلك، ودون معرفة السّبب أو العذر؟! فالتمست لصديقتي (عمَّون) عذراً بعد عدم نشرها لردّي المقبور، واعتبرت ما حصل هو فُقدان إحدى وسائل التّعبير الحرِّ كوسيلة إتصال من مُعبِّرٍ عن رأيه، أو كَرْهَاً لشيئٍ وهو خيرٌ لي، فسبحان الذي يضع الخير بما نحسبه شَرٌّ لنا، و يضع ما نَكره بما حسبناه لنا خير.

مما جاء على لسان الكاتب قوله: (ليس كل الأردنيين تشغلهم الهموم ذاتها التي تشغل أصحاب «فارِدة» المسجد الحسيني الأسبوعية....)، ويُضيف: (إنه من حق هؤلاء أن يتظاهروا وأن يصدروا البيانات وأن يعبروا عن وجهات نظرهم بالوسائل السلمية كما يحلو لهم لكن ما هو ليس من حقهم إطلاقاً هو إدعاؤهم تمثيل الشعب الأردني كله والتعبير عن وجهات نظره وهو اللجوء الى الضغط على من هم في مواقع المسؤولية بالتهديد والوعيد وبالاستقواء بالأجندات الخارجية التي ترتدي أثواب حقوق الإنسان والإصلاح والديموقراطية وهي في حقيقة الأمر مُسخَّرةٌ لخدمة تطلعات استعمارية جديدة في هذه المنطقة .). إقتباس من مقالة القلّاب...

الكاتب صالح القّلاب المحترم: بعد شكري وتقديري لشخصك الكريم؛ هل هناك إستفتاء نزيه قد قمت به أو قامت به جهة معينة حول قرارك بأنّ ما يحصل لدى المسجد الحُسيني هو (فاردة) أسبوعيَّة؟ وبما أنّ الأمور كذلك؛ أقول على نسق وشاكلة ما أرسلته لنا بهذه المقالة عامة وبهذه العبارة خاصة: ليس كلّ الأردنيين تشغلهم كذلك الهموم ذاتها التي تُشغل أصحاب ومُجيدي (الرقصة والدّحيّة) وبعرضٍ مستمرٍ و متواصلٍ (تونتي فور أورز 24Hours) في الدّوار الرّابع وأعلامه الحكومي الرّسمي.

ولأنّ مثل فكرك يُقدَّرُ و يُرجَى؛ أرجو منك وكخدمة لهذا الوطن الغالي على قلبي وقلبك وقلب كل الأردنيين؛ أن توضّح لنا في مقالة يتم تخصيصها لتعريف وتبيان معنى بعض المصطلحات التي نسمعها ولم نعرف ما هي، ولا أخفيك؛ أبناؤنا يسألوننا عنها وعن معانيها، وهو حقّهم وحقّ الجميع لكي نقي أنفسنا ونقيهم من خطرها بعد الإفصاح عنها وتبيانها، والتّحذير منها، فدرهم وقايه خير من قنطار  مصطلحات غير موجودة على الواقع ولم نلمسها البتّه، وإنْ وُجِدت فلن ترتقِ أو تستحق تَعمُّماً وتعميماً...، ويحضرني منها:

أجندات خاصة خارجيّة وإقليميّة...، تطلُّعات إستعماريّة جديدة، أيدي خفيّه...، مُغرضون...، مثيرو الفتنة...، وغيرها الكثير مما نسمعه (ع الطّالع و النّازل)، ودون أن يفسّرها لنا أحد من مروِّجيها ومُطلقيها أو يحدّد لنا موقعها وخطورتها صراحة لا إيحاءً، فنعمل على تجنّبها ومحاربتها ونحذر منها، وبالتالي...؛ نقتنع بوجودها على الأرض، فنفوّت الفرصة في إتمام نجاحاتها فتسقط أهدافها تلقائيّاً وبالتّقادم... .

 وأرجوا منك كذلك؛ التركيز بشكل خاص على مصطلح (فارده) وتوضيحه؛ كون هذا الجيل لا يعرفه ولا يعرفها، ولم يسمع بها، فهو لم يمارسها كخبرة مباشرة أو يحفظ ترويدتها المشهوره: (وسِّع الميدان يا بيّ وَلَدْ...)، فلا يوسّع دون ان يفهم أو يقتنع لماذا ومتى وكيف وأين يوسِّع أو يضيّق، فهو جيل ملَّ (الرّقصات والدّحيّة والحاشي والقصيد)، ولم تَعُد مثيرة  لجلب (حمِّ رأسه وفزعته)، فأيقن أنّ لا جدوى له منها، فهي فقط تَبُحّ صوته، وتُحفي قدميه، وتستنفذ عرقه فيزيد عَطشه، وتُضعف خاصرتيه ومعدته؛ ليسقط أخيراً بنطاله على ركبتيه، فتنكشف عورته، فتنكشف معها عورة غيره، وهو مَعذوراً  في بحثه عن  مستقبلٍ سُرِق منه (بالفوارد الحكوميّة) و (الصّالات الإعلاميّة الرّسميّة) والتي لا زلنا نقيمها في عقود قراناتها و (ترتات) زفافاتها، وأسبوع ولاداتها وطهوراتها، وعُدَدٍ فسخاتها وطلاقاتها، ليظهر لنا أنّها حاملُ بملفات الفساد والشّبهة و التّوريث سِفاحاً، فبدلاً من القيام بجريمة دفاع عن شرفها، ولأنّنا لا نستطيع ويعجز الكل عن ذلك إلّا مع بنت أو إمرأة ضعيفة دمها مُستباح من قبل قانون عاجز وهناك عشرة طُرق للتخلُّص منه من قِبَلِ أسمائها الخمسة (ذو، فو، أخوٌ، أبوٌ ،حمٌ)، فتُقتَل على الشّبهة بخبر من فاسق لم يتمّ التّبيُّن والتّحَقّق منه؛ فنخرج لندافع عن هذه الحكومات بدل ذبحها، ونقول: (الله يلعن الشّيطان) إعطوها وامنحوها فرصة جديدة أخرى حِفاظاً على مصلحة الوطن وكرومه، ولُحمته الوطنيّة، فتُستَغلُّ بعد أن يُتّهم نواطيرها المُخلصين (على هامش الأخبار) فيغضّوا الطّرف عن حراسة عنبها خوفاً وهلعا، فيُهْمَلُ ليُصبح داشراً فتعيش عليه (الهمل)، ويواروا أنفسهم قسراً عن مسك لُحمته الوطنيّة...، وهم يعلمون أنّ اللُحْمَة الوطنية (راحت بِيْدَ الْعِجٍبْ طشيش).

  سيفعل هذا الجيل كلّ شيئٍ من أجل مستقبله، فلما لا نفعل ولو بعض شيئ، قبل أن يفعل هو كلّ شيئ، فلا يومها ينفع معه تنظيرٌ أو إطلاقُ لفظة (فارده) على ما يؤمن به ويقتنع من خلال إستغلاله الايجابي المُخطّط و العفوي لحواسه الخمسه لما يتوفّر له من ثورة إتصالات وتكنولوجيا عالية؛ وجعلت وتجعل العالم أمامة قرية صغيرة يزور مرافقها بكبسة من زر أو غمزة من (ماوس)، فهو لم يعد يسمع فقط، فيُلقّن قوالب جاهزة، ولا زلنا نُخطئ ونعتقد حول ذلك، وأقول نتجاهل يوم لا يَنفع التّجاهل، فلن نجد حينها ورقاً (فلوسكابيّاً) حكوميّاً نخسف منه لنواري به سوآتنا فنهبط من أعينهم إلى ألسنتهم فيلوكوننا ليرموا بنا في سلّة مُهملات التأريخ الحديث... !

(إذا جرى استفتاء للأردنيين كل الأردنيين الآن فإنهم سيصرون على أن الاستقرار هو أولى أولوياتهم وعلى أن النظام الملكي الهاشمي لا بديل له على الإطلاق وأن الوحدة الوطنية خط أحمر لا يُسمح بالاقتراب منه) اقتباس من مقالة القلّاب...

بدون إستفتاء؛ كلام لا يختلف عليه أو فيه اثنان، وأنا معك؛ فالنّظام الملكي الهاشمي لا يمكن أن يكون له بديل ولو على أجسادنا وجثثنا، ونقسم على ذلك، وأغلب من هم في (الفاردة) حسب رايك وقرارك المتفرّد؛ يؤمنون و يعملون على ذلك، ولديهم الفطنة و الحكمة البالغتين لمعرفة لماذا لا يكون غير الهاشميين علينا وبيننا، و أنا على يقين من خلال طرحهم، ومن خلال ما تابعناه منهم وأيقنته أنفسنا؛ أنّ منهم ما يحب الوطن و الملك مثلي ومثلك إذ لم يكن أكثر...، وأشكرك جلّ الشّكر على هذه المسلّمة الرّائعة الثّابته، و التي يجب أن يقسم عليها كل أردني يعيش على تراب الأردنّ الطّهور، ويعمل من أجلها ولأجلها.

(وأن الديموقراطية لا تعني الاستقواء على هيبة الدولة وأنه لا يحق لفِئة أن تفرض وجهة نظرها على الآخرين من خلال الاستقواء بالأحداث الإقليمية وبالدعم الخارجي وأنه إذا اعتقدت جماعة أن بإمكانها تسيير مظاهرة من عشرة آلاف مشارك أو أكثر أو أقل فإنه بإمكان آخرين تسيير مظاهرة أكثر من عشرة أضعاف هذا العدد) اقتباس من مقالة القلّاب...

...وأنّ الديموقراطيّة يا ابن قلّاب؛ لا تعني الاستقواء على قوت وشخصيّة المواطنين، وأنّه لا يحق لفئة أن تعيث فساداً من خلال تزويج المال للسلطة و الاستقواء بالمناصب وتوريثها والاختباء والاستقواء بمؤامرة (أوامر وتعليمات من فوق...)، و أنّه إذا اعتقدتْ (دَهْماءُ) فاسدة مُفسِدة أنّ بإمكانها تسيير ستة ملايين من الشّرفاء و الأحرار الأردنيين، وفرض وجهة دلعهم  و (الواوه أح...) عليهم من خلال الاستحلام والتجريب بمصيرهم وكرامتهم، و النّظر لهم على أنّهم من الإضافات في سياره فاخره مستورده، أو قرميداً وفرندات في (فلل) وبيوت مبنيّة من (حجر معان وحيّان أبو قِزازَه)...؛ أو (برابيش ومواسير) للرّي والتنقيط في مزرعة غوريّة  للفواكه والحمضيّات؛ فإنّه بإمكان مئة وطني صادق وشريف السّير حُفاة عُراة والدّعس على (شوارب ولحي) ألفاً أو كما يكون تعدادهم من الذين يُخالفون أمر الله، ويبغون الأردنّ عوجا، ويحطموننا كالنّمل وهم يشعرون (وكم كنت أتمنّى لو أنّهم يحطموننا وهم لا يشعرون)، فيَئِنُّ منهمُ الوطن، ويتالّمُ منهمُ الملك، ويضيقُ بهمُ  المواطنُ ذرعاً وكرها.  

لك شكري وتقديري...، وآسف للإطالة والحدّة التي إقتضاهما الرّد، والاجتهاد في كلمة حق شعرت بها تناديني فاستجبت لها لأظهرها، ولا يعني ظهورها و الإفصاح عنها؛ إصابتي أو خطأي فيها...، فهو اوّلاً و أخيراً مجرد رأي آخر...، وما كتبه الله لنا هو خيرٌ وأبقى...، وأخيراً؛ من (إِحْسِنِيْ لِحْسٍنِيْ) موفور الصّحة لك, وعليك منه أجمل ترانيم  الحب وأفضل السّلام.