اخبار البلد - أحمد جميل شاكر
في أحد الأيام وقعت مشاجرة كلامية بين احد المواطنين، وميكانيكي يعمل في احد كراجات تصليح السيارات، حيث تبين ان هذا العامل يعاني من مرض نفسي وانه يفقد السيطرة على اعصابه عند الغضب؛ ما دفعه للاعتداء على هذا المواطن وتمزيق ملابسه، واحداث جرح في يده وكدمات متفرقة في انحاء جسده علما بان المواطن لم يستطع حتى الدفاع عن نفسه امام العضلات المفتولة لهذا العامل، وقوته، واستعماله بعض الادوات الجارحة، واحتمى بالمواطنين، وتوجه على الفور الى المركز الامني ليقدم شكوى ضد المعتدي وارسل الى الطبيب الشرعي ليحصل على تقرير بحالته وانه بحاجة الى العلاج والمراجعة بعد اربعة ايام لتكون المفاجأة ان هذا العامل قد سارع الى تقديم شكوى مماثلة وانه حصل على تقرير طبي معتمد بانه تعرض لضربات في منطقة الراس والبطن، وانه بحاجة الى مزيد من الفحوصات والصور الشعاعية، واعطاه التقرير مدة اسبوع يراجع بعدها.
امام هذه القضية ما كان من المركز الامني الا ان طلب المواطن للحضور ووضع في التوقيف لساعات حتى تمت كفالته لليوم التالي، بهدف توديع القضية الى المحكمة وان رحلة متاعب اخرى حدثت بعد ذلك الى ان تنازل كل طرف عن الشكوى وتمت المصالحة.
هذه القضية وغيرها نسوقها في وقت اصبح فيه التقرير الطبي هو العامل الاساس في اي قضية تنظر في المحاكم او حتى عند تقديم شكوى في المركز الامني، وان المشتكي يصبح في لحظات موضع اتهام، والمشتكي عليه يتحول ايضا الى المشتكي، وتضيع الحقوق امام هذا التنافس بما يحتويه التقرير الطبي.
قضايا كثيرة نسمعها من بينها ان المشتكى عليه وبقدرة قادر يدخل احد المستشفيات الخاصة ويدعي انه تعرض للاعتداء من قبل صاحب مصنع وعامل وافد، بعد ان علم انهما توجها الى المركز الامني لتقديم شكوى ضده، ولتكون المفاجاة -ايضا- ان التقرير الطبي الذي حاز عليه، ادخل صاحب المصنع وعامله التوقيف لمدة اسبوع، وان الجميع يقسمون بان صاحب المصنع والعامل الوافد هما من تم الاعتداء عليهما وانه تكبد خسائر مالية ودفع تكاليف المستشفى للطرف الاخر، وقام باحضار جاهة من خارج المنطقة وكان مضطرا لاسقاط الدعوى نتيجة التقارير الطبية الكيدية، والسبق لتقديم الشكوى من اجل الابتزاز.
صاحب اسبقيات في مدينة الزرقاء، قام بضرب طالب جامعي وأحدث في وجهه جرحا بطول عشرة سنتمترات، ويقول هذا الطالب، إنه واثناء علاج الجرح في المستشفى فوجئ برجل امن يطلب منه الحضور الى المركز الامني لشكوى تقدم فيها الشخص الضارب، حينها تقدمت بشكوى وليتم وضعنا نحن الاثنين في السجن وادخل في خانة الزعران والمجرمين لان الذي اعتدى عليّ احتصل على تقرير طبي بعد ان افتعل في نفسه جرحا بسيطا.
أحد أطباء المركز الوطني للطب الشرعي، ابلغني مرة ان مصابا جاءه والدماء تنزف من وجهه مدعيا بانه تعرض للضرب بعصا من شخص اخر، وانه بعد الفحص، والتاكد من الاصابة تبين انه قام بضرب رأسه بالحائط لينجو من قضية الاقدام على طعن اخر كان في حالة سيئة مدعيا انه اقدم على ذلك دفاعا عن النفس وتغير بعد ذلك مجرى القضية.
اننا نامل ان يتم تشكيل لجنة من وزارتي الصحة والعدل والامن العام لدراسة موضوع التقارير الطبية غير الدقيقة لانها لا تتعلق بحقوق مادية او معنوية ولكنها تتعلق بحريات الاخرين، وان تتخذ اشد الاجراءات بحق كل جهة تصدر تقريرا طبيا غير دقيق ويجانب الحقيقة او الشخص الذي يحصل عليه بهتانا وزورا، وهذا ما ينطبق -ايضا- على الاجازات المرضية التي تعطي دون وجه حق.