خاص بأخبار البلد -
قامة اقتصادية كبيرة، وانسان بسيط متانق وحليم، يعبق قلبه بالخير والأمل، لا يفارقاه مهما ادلهمت خطوب وزمجر خصوم. إنه رجل الاعمال المخضرم علي فريد السعد.
أراد ان يخدم وطنه في كل موقع ومحفل، ولم يقصر أو يلين، وبرغم كل ما جرى معه، لا يفقد ايمانه بالاردن أبداً.
برز السعد كأول أمين عام ومؤسس لحزب التقدم والعدالة، في وقت بدت فيه شرفة الاحزاب مناسبة للعمل السياسي.
ولسنوات غاب، بسبب قضية حيكت ضده، خرج منها بريئا حين انصفه القضاء العادل.
يعد علي فريد السعد شخصية وطنية اقتصادية اردنية جمعت ما بين الوحدتين الاردنية والفلسطينية، ولعائلته تاريخ في مقارعة الصهاينة وبناء مداميك الاقتصاد ومساعدة المحتاجين.
ينسب الى والده فريد السعد "قائم مقام حيفا" عام 1935 الدور الاول في منع اليهود من الوصول إلى منطقة بئر السبع وشراء أراضيها، عندما قدم زعماء الوكالة اليهودية وعلى رأسهم المحامي الشهير غويتن ، وهدده بالعزل إذا استمر في سياسته السلبية هذه.. لكن فريد طردهم من مكتبه الرسمي، فقامت السلطات البريطانية بالضغط عليه وتهديده إذا لم يمرر المخططات اليهودية لكنه رفض ذلك رفضاً باتاً.
عين الوالد عضواً في المجلس الاستشاري الاقتصادي العربي الفلسطيني (1943 – 1946) . وترأس الوفد التجاري العربي إلى المملكة المتحدة سنة 1945.
ويذكر انى الحكومة السورية اختارته بعد نكبة 1948، ، عضواً في الوفد السوري لمؤتمر التوفيق المنعقد في لوزان، فكان الناطق الرسمي باسم الوفود العربية في الشؤون الاقتصادية.
قدم فريد السعد الى المملكة الاردنية الهاشمية عام 1949، وعمل في الاقتصاد، ونهض بشركة السجائر حتى غدت بفضل جهوده ومساعي العاملين معه سيدة شركات التبغ في العالم العربي.
اسندت اليه في عهد الملك عبد الله بن الحسين عام 1951 حقيبة وزارية لكنه اعتذر بسبب كثرة مشاغله ورغبته في خدمة الاقتصاد الوطني، فعين عضوا في مجلس الاعيان الثالث والرابع 1951-1955، كما جاء عينا في محلس الاعيان الرابع عشر.
النجاحات الاقتصادية التي حققها، والثراء والصيت الذي حازه، لم ينسه واجبه الانساني والمجتمعي، فقد تنازل عام 1962 عن 900 سهم من الأسهم التي يملكها في شركة التبغ لأنفاق أرباحها سنوياً على تعليم الطلاب المتفوقين، واختار السعد لهذه الغاية مجلس أوصياء من صفوة رجال الأردن، فشرعوا عام 1962 في اختيار الطلاب المتفوقين بغية إيفادهم الى الجامعات. وحينما جاء وزيراً للمالية عام 1972 تبرع بجميع راتبه لصالح صندوق الطلبة المحتاجين في الجامعة الأردنية.
عام 1967 انتخب فريد السعد عضواً في مجلس أمناء الجامعة الأميركية في بيروت، ومما يذكر أن مجلس الأمناء كان يضم ثلاثة من العرب هم الشيخ نجيب علم الدين وشكري شماس وفريد السعد.
في ظل هذه الاجواء ترعرع الابن علي، وتعلم من الوالد الكثير مما حفظه عن ظهر قلب، وحين اتم دراسته التحق بالعمل مع والده.
عرف عن علي فريد السعد قوله ان النجاحات الاقتصادية ينبغي ان تنعكس ايجاباً على ازدهار الوطن، ولذا فإن كل استثماراته إن لم تكن في البلد فهي من اجل البلد.
يوصل السعد مسيرته، وإن تكن في القلب غصة، إنما ينظر دائما الى الغد بأمل.
ربما خسرنا علي فريد السعد سياسياً، لكننا بالقطع كسبناه اقتصاديا.. فالاقتصاد ملعبه ومجاله.
بالنسبة لي التقيت السعد عدة مرات نهاية التسعينيات، حين كان مقبلا على العمل الحزبي، وأذكر انه زارني مرة في جريدة عبد ربه الساخرة، وتصرف باريحية وبساطة وتبادل النكات والحديث السياسي معي وطاقم الصحيفة انذاك.. وكانه انسان تعرفه وتراه كل يوم، وليس ذلك المليونير الذي تحيط صورته اشياء كثيرة لا تصيب لب حقيقته أبداً.