المزارعون الذين اعتصموا وأقاموا خيمة عزاء في دابوق ليسوا فلاحين يمارسون العمل الإنتاجي بل ملاك للاراضي والمزارع. واستخدام كلمة (مزارع) في هذا السياق تستهدف استدرار التعاطف الشعبي، لأن الانطباع السائد أن المزارع مواطن كادح وفقير ومظلوم، مع أن هذه الأوصاف لا تنطبق إلا على الفلاح. وليس من قبيل الصدفة أن تقام خيمة الاحتجاج في أرقى أحياء العاصمة، ربما لتكون قريبة من قصور بعض المزارعين المزعومين!
مع ذلك فإن أية حركة احتجاجية أو مطلبية، سواء كانت في عمان أو في أي مكان، تلقى التأييد الفوري من قبل جماعات النفاق السياسي. يكفي أن تحتج على أي تصرف حكومي لتقابل بالتصفيق. وكل الضغوط المطلبية مرحب بها من قبل طلاب الشعبية.
لكن ماذا يريد (المزارعون) من الحكومة؟ يقال أنهم يشكون من تهميش القطاع الزراعي فيكف يكون ذلك؟ ويطالبون بإعادة جدولة ديون المزارعين. المقصود كبار الملاك، لأن العاملين في الزراعة (الفلاحين) لا يحصلون على قروض بعشرات الآلاف من الدنانير طمعاً في الحصول على الإعفاءات والمزايا عن طريق الضغط. باختصار لا يريدون تسديد المبالغ المستحقة لحساب سلطة وادي الأردن أو التي سحبوها من مؤسسة الإقراض الزراعي.
يطالب (المزارعون) أيضاً بعدم مشاركة أهل عمان في مياه قناة الملك عبد الله، فاحتياجاتهم لري مزارع الموز والحمضيات لها في نظرهم أولوية على مياه الشرب(!).
يريد المزارعون كذلك إعفاء مستلزمات الإنتاج الزراعي من الجمارك وضريبة المبيعات لتخفيض التكلفة الإنتاجية مع أن أسعار المنتجات الزراعية على باب المزرعة ارتفعت في شهر نيسان الماضي بنسبة 6ر5% عما كانت عليه في الشهر السابق، وبنسبة 1ر10% عما كانت عليه في نفس الشهر من السنة الماضية، كما أن متوسط الأسعار الزراعية خلال الشهور الأربعة الأولى من هذه السنة تزيد عما كانت عليه في نفس الفترة من السنة الماضية بنسبة 9ر24%، مما يدل على أن أسعار المزارعين ترتفع بأسرع من التضخم، فهل زادوا أجور عمالهم بهذه النسبة؟.
ومع أن كميات الإنتاج الزراعي لا تكاد تلبي الحاجات المحلية، بدلالة ارتفاع أسعار الخضار والفواكة، فإن (المزارعين) يريدون تعويضات نقدية بسبب خسارة التصدير إلى سوريا وأوروبا. نعم استيراد وتصدير وليس زراعة!.