لا يوجد عاقل في هذا الإقليم لا يدرك أن إضعاف الإسلام السياسي المتمثل بجماعة الاخوان المسلمين كما يجري اليوم في أكثر من بلد عربي سيصب مباشرة لصالح نمو، وتطور الجماعات الإسلامية المسلحة، وقدرتها على الاستقطاب للشباب الباحث عن ذاته، وستجني مباشرة نتاج تردي أوضاع الإقليم السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية على خلفية فشل الأنظمة الوطنية ، وحالة الكراهية الناجمة عن وقوعه مباشرة تحت هيمنة ومصالح القوى الكبرى ذات الوجهة الاستعمارية.
والإسلام السياسي المنضوي في إطار العملية الديموقراطية عبرت عنه بوضوح جماعة الإخوان المسلمين عبر مسيرتها في أكثر من قطر عربي، وحازت على دعم مجتمعي كبير يتبدى اليوم في أية عملية ديموقراطية، وتكاد هذه الجماعة ان تكون الأقرب إلى نبض الشارع، والى تطلعاته نحو التغيير.
وهذه الجماعة مارست فعليا العمل الديموقراطي، وشاركت في العملية السياسية، وانضوت تحت الدساتير، وتمكنت من الوصول الى سدة الرئاسة بالطرق الديموقراطية في أهم بلد عربي، وجرى افشالها ، وهي المؤهلة في حال سادت الأحوال الديموقراطية في الإقليم العربي أن تكون البديل الديموقراطي لبعض الأنظمة القائمة ، أو أن تشارك في الحكم، وتنهي حالة التفرد به، وتدشن مرحلة الشعوب، وسيادتها .
وفي حال تم قطع الطريق عليها للحكم كما هو ممارس اليوم ، وقد باتت القوانين تشرع لالحاقها بدائرة الإرهاب، فلن يشكل ذلك حماية للنظم القائمة بقدر ما سيدفع أجيالا عربية باحثة عن التغيير نحو الفراغ، ومن ثم الانضواء تحت كنف الجماعات المسلحة، والتي قد تتحول الى ملاذ التغيير القادم، وقد بات واضحا نموها، وتطور ادواتها، وقدرتها على الفعل في ظل انحسار النظم التي تعاني في مجال الشرعية والانجاز.
وهذا المستقبل المتوقع هو البديل الذي ستجنيه المنطقة في ضوء مخططات القفز عن المرحلة الديموقراطية التي فرزت الإخوان المسلمين، وجرى منعهم من حقهم الديموقراطي الذي يتحصلون عليه من خلال صناديق الاقتراع، وبالطرق، والوسائل الديموقراطية المعروفة.
واني لأنظر إلى سيادة أحوال التطرف في المنطقة العربية، والصدام العنيف مع الأنظمة، وذلك مرده إلى محاولات تغييب الإسلام السياسي المعتدل، ومنعه من أن يطبق رؤاه وبرامجه السلمية للتغيير، وقد امتلك القدرة على مخاطبة الشعوب العربية، ومحاكاة تطلعاتها المشروعة نحو غد افضل .