المثير في «المؤتمرات الإصلاحية» التي أصبحت موضة فيما يخص الاخوان المسلمين في الأردن أنها تمثل سلوكا غير معتاد وغير مألوف في الحالة الوطنية من الصعب السيطرة عليه وضبط إيقاعه لكي ينحصر في إبعاد أو تنحية شخص أو مجموعة أشخاص عن مواقع القيادة في الحركة الإسلامية.
نعرف تماما أن هدف الاستعراضات التي ينظمها بعض قادة الاخوان المسلمين حاليا في الأقاليم والمحافظات إقصاء أو إبعاد أو إزعاج القيادات التي تتحكم حاليا بالمكتب التنفيذي وهو هدف لا علاقة له بالإصلاح الحقيقي والجذري والمؤثر لانه محسوب في إطار النكايات والثأر ونحسب ان الحركة الإسلامية كانت دوما أرفع من ذلك.
جميعنا بحاجة لتعزيز المطالبة بالإصلاح والإصغاء للرأي الآخر وقد يكون الاخوة في الحركة الإسلامية الأكثر حاجة بيننا للاستماع إلى كلمة سواء خصوصا في ظل الوضع الإقليمي الذي نعرفه جميعا وحالة «العصاب» التي اجتاحت النظام الرسمي العربي ضد الاخوان المسلمين.
الخيط رفيع جدا بين تفعيل وتنشيط حلقات الدعوة للإصلاح و»رعاية وتغذية» انشقاقات على طريقة «شرعية الشارع» واعتدنا بمؤسسات الاخوان المسلمين أن تكون منضبطة وتفرز في الانتخابات أطرها القيادية.. لماذا لا يصبر الشيخ الجليل عبد المجيد الذنيبات ورفاقه المعترضون لإحداث التغيير المنشود في قيادة الاخوان عبر الصندوق والمؤسسات التنظيمية؟.
الفارق كبير بين السعي لركوب موجات الثأر الشخصي وشخصنة الدعوات الإصلاحية وتعديل وتصويب قواعد اللعبة والعودة بالحركة الإسلامية إلى ثوابتها المعتادة من دون التورط بالحساب الإقليمي.
الإصلاح مطلوب ومهم وعلى الجميع دعمه حتى عندما يتعلق بالأسئلة الحرجة التي لا يجيب عليها هذا التنظيم المهم لكن الإنشقاق والإنقلاب شيئان آخران تماما وهما مضران بالصورة الداخلية ويدخلان قوة أساسية في المجتمع في متاهات قد تنفلت ولا يمكن حساب النتائج بدقة.
يمكن أن يتنحى بعضهم عن المشهد وعلى بعض الاخوة في قيادة تنفيذي الاخوان المسلمين إظهار قدر من المرونة في الإستعداد للتخلي عن الموقع مقابل المصلحة العامة.
الدنيا كلها زائلة ولا يوجد موقع في الدنيا أهم من المصلحة الوطنية العامة والحفاظ على عناصر الاعتدال في خطاب الاخوان المسلمين ودورهم في السلم الأهلي أهم بكثير من تلك المغامرات التي تدعي الإصلاح.
لا بد من حوار وطني مسؤول داخل الاخوان المسلمين ومعهم تعالج فيه كل الاحتقانات والتجاذبات كما تعالج داخل الأسرة الواحدة، ولا بد من ترشيد الاهتمام بالمناصب والمواقع فهي زائلة، والأهم؛ لا بد من تقديم «ضمانات» حقيقية للدولة ولنا كمجتمع تقلص دائرة الهواجس من مغامرات محتملة في الصف الاخواني.. ذلك أفضل بكثير من الانشقاقات ودعمها.