ليست المرة الاولى التي يحتج فيها المزارعون، ويعتصمون ويهددون بالتصعيد، فقد وصل بهم الامر الى اغلاق طريق عمان القدس الدولي امس؛ احتجاجا على سياسات الحكومة الزراعية، واتهام الحكومة بقتل القطاع.
القضية الزراعية في الاردن ليست على الهامش، فمهما كان التقويم، فاننا بلد زراعي، نعتاش على الزراعة، واحتجاجات المزارعين ليست قضية بذخ، واستعراضات، انما هي قضية حياة او موت.
الغريب في قضية الزراعة، ان نتاج المزارعين يصل الى عمان، ويباع باسعار مرتفعة، وبعضه مرتفع جدا، لكن المزارع البسيط لا يرى انعكاسا ماليا على احواله من هذه الارتفاعات.
هناك حلقة تتكسب من عرق المزارعين، وتستغل الوساطة بين المزارعين والمواطنين، وهي الحلقة التي تعمل كالمنشار، (طالع واكل نازل واكل)، فمن هي الاطراف المستفيدة من هذه الحلقة، ولماذا لا تضع الحكومة يدها عليها، وتنهي هذا الاحتكار البشع.
منظر نتاج المزارعين من البندورة وغيرها، وهو ملقى على رصيف الشارع العام، كما تلقى النفايات، يجرح المشاعر، ويؤشر على ان المزارع الذي وصلت به الحال الى التخلص من تعبه وجهده وجهد عياله بهذه الطريقة، انه وصل الى مرحلة خطرة في التفكير والضيم.
عندما يقول رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان خدام: «ان هناك حلقة مفقودة بين المواطن الاردني والمزارع حيث يتم بيع صندوق البندورة للتجار من 10 قروش الى 60 قرشا ويتم بيع الكيلو الواحد للمواطن بـ 65 قرشا، وهذا مثال على سلعة واحدة بين عشرات الأصناف، يكشف عن مدى بشاعة الاستغلال الذي يتعرض له المزارع..
مطالبة المزارعين بالحماية والمحافظة على العاملين في القطاع الزراعي، ومعارضة السياسات الحكومية، مطالبات مشروعة، لا يمكن لمواطن الا ان يقف معهم فيها، اما المطالبة بوقف تنفيذ برامج الحكومة في المحافظة على المياه الجوفية ووقف هدم الآبار، فهي مطالبة غير مشروعة، وتخفض مستوى الدعم والمساندة لمطالب المزارعين.
ما تقوم به الجهات المعنية في وقف الاعتداء على المياه، ومحاسبة المخالفين في حفر الابار، افضل ما يؤكد اعادة الهيبة للدولة، خاصة لاصحاب الابار من الوزن الثقيل، وهناك مطالبات كثيرة بالتوسع في هذه السياسات، اما اذا فكر بعض المزارعين استغلال حالة التعاطف مع اوضاعهم العامة، ومنع استكمال هدم الابار المخالفة، فإن الحالة سوف تنقلب عليهم، لان الجميع يعرفون مدى خطورة اوضاع البلاد في قضية المياه.