صحيح ان فصل اصحاب مبادرة زمزم الاصلاحية من «الاخوان المسلمين» فضح الوجه الخفي لصناع قرار الجماعة في الوقت الراهن، ولكنه فتح الباب لتساؤلات جمة، اهمها الوجهة المقبلة للمتشددين في العبدلي، ومستقبل تنظيمهم الذي لا زال يمارس السياسة برخصة جمعية خيرية.
ووفق القانون الذي تخضع له جمعية الاخوان المسلمين، هل يحق فصل اعضاء فيها بقرارات صادرة عن محاكم يديرها تنظيم سياسي، وهل هذه المحاكم التنظيمية شرعية وملزمة، وما الذي سيقرره القضاء لو لجأ المفصولون اليه للطعن بما اتخذ بحقهم من قرارات؟.
ومن الاسئلة التي اثارتها قرارات محاكم الجماعة تجاه من تبنوا مبادرة زمزم الاصلاحية، اي القوانين التي تنطبق على تنظيم الاخوان المسلمين، فهم اسسوا حزبهم المعروف بجبهة العمل الاسلامي، ولكن لهذا مكتبه التنفيذي ومجلس شوراه، وللجماعة التي يفترض ان لا تمارس السياسة بحكم ترخصيها كجمعية خيرية، مكتبها التنفيذي ومجلس شوراها الخاص بها؟. ورغم التبرير الذي تردده غالبية من النخب السياسية بانه كان للجماعة « وضع خاص « فيما مضى من عقود، الا ان السؤال الذي يطرح نفسه الى متى سيبقى هذا الوضع قائما سيما وان هذه الايام يتسابق فيها الجميع للمطالبة بالاصلاح الشامل، والعمل الحزبي فيها يخضع لمنظومة تشريعية.
فهل لا زال على رأس الجماعة تلك « الريشة»؟. وهل يخدم هذا « الدلال « العملية الاصلاحية وخارطة الطريق التي رسمها الاردنيون للعبور الى مستقبل آمن وحياة افضل. وكيف يطالب الاخوان المسلمون بتعديل الدستور، ويهبون في وجه كل من يقول لهم « صوبوا اوضاعكم». واذا اعتبرنا ان حزب جبهة العمل الاسلامي المرخص وفق قانون الاحزاب واجهة الاخوان المسلمين السياسية، وامينه العام الحالي الاستاذ حمزة منصور، فما هي الصفة القانونية التي تمنح المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين ونائبه للدعوة الى المسيرات الاحتجاجية وفي بعض المرات العصيان المدني؟.
وبما اننا نتحدث عن الاصلاح وتعديل التشريعات لتحقيقه، فالاصل في دولة المؤسسات والقانون ان الذي يخوله القانون بممارسة العمل السياسي هو امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي، فيما ترخيص جمعية الاخوان المسلمين تخول رئيسها او من ينوبه فقط الاعتصام امام وزارة التنمية الاجتماعية اذا كان هنالك غبن او قرار يعيق العمل الخيري في البلاد.
والمقصد، ليس حل جماعة الاخوان المسلمين، فمن يؤمن بالديمقراطية، عار عليه ان يلغي الآخر، ولكن هذا لا يعني ان يستمر غض الطرف عن الجماعة لاسباب لم تعد موجودة في يومنا هذا وان تبقى فوق القانون.
فتحت مظلة القانون لتمارس الجماعة سياستها وحريتها في التعبير عن ارائها ومواقفها، وكما هو مطلوب من الاحزاب ان تقدم بياناتها المالية وغيرها الى الجهات الرسمية بحكم المنظومة التشريعية التي تخضع لها، فان ذلك يحتم على الحكومة توفير بيئة عادلة لكافة الاحزاب حتى تتمكن من الانتشار بين الناس وفق برامجها وليس بحكم التسهيلات الممنوحة لها.
ولذلك، ما دمنا نتحدث عن الاصلاح، فقد آن الاوان على الاخوان المسلمين تصويب اوضاعهم القانونية لممارسة عملهم السياسي من الباب وليس من الشباك.