و تسلل المساء حزينا بين كفيه،يطبع قبلة الانتظار على جبين القمر..يغني ترنيمة حب باشتياق يحبس الانفاس في جمال و الق.انتظار يجرّ انتظارا،وتعرجات من مواعيد و قصيدة مسافرة،و كلمة ترن في مسمع الحبيبة،تغفو و تصحو على صوته المعلق بها،و كالنار يشتعل اكثر فاكثر و يخاف الاقتراب اكثر فاكثر.
تقف هي عند حدود القسمات وتمسك بريشه الالوان،لاصابعها لغة لا تتكرر فتقرر ان تستثمر كل لحظة في حبه فتسافر حواسها الى حدود الخاطر،و تبدا برسم وجهه، بالعينين و ابتسامه تضيء القلب،و في سرحة بين ذكرى و لحظة هاربة من دقائق القلق تغدق على القلم دمعة لا تفهم معناها !ربما افتقاد،ربما حنين، ربما كثير من الالم ،فبعض السعاده فينا تقف على ابوابنا و نصدّ لها كل منفذ.
يبقى هو يتأرجح بين شجنه و فرحه،يصنع لها،لهو،لهما قلعه حب تغطيها كل تلك الانهمارات الغزيرة من صدر قلمه لتسكن سرّه و تتوحد مع ضلع غصة تظهر و تختفي.يبحث عنها بين الوجوه يتذكرها و يهرب منها ثم يعود يرافقها الى باب قلبه ولا يسمح لشيء منها ان يتسلل فبيتها و مقصدها و دفئها هنا..و اشار للقمر بسهمٍ....نحو قلبه.
تغمض قطرة العين على لمحة تدغدغ الانفاس و تشتم عطره على مقعد تشاركته معه فتقرر ان تنهي ليلتها بمشهد السكينة المطلقه بين حروف اسمه،ستتلحف طيفه في المكان و ستسكن كل نبضة و ستسافر مع همس الكلام نحو جزيرة قلبه امراة لا يَشبع منها يوما.
هو الان متكئ هناك على رماح الصبر يلملم بعض الجراح،ليجرفه رحيق عطر قادم من عنق امرأة غارقه في خاطره،فيقرر ان يذهب في عمق احلامه كأنه حين يرمي برأسه على وسادته يرتاح قليلا من حمل التفكيرالذي اثقل مجاراته للقدر و تطويعه للشوق،يهرب اليها و تهرب اليه و يظنّا انهما يهربا عن بعضهما..و حقيقة الحقيقة انه اكتفى بها..اكتفت به.
لازال شغف الكلمات يلاحقهما،هو ذاكرة انوثتها و موانئ الراحة و خفقة الحلم،لامسها كالندى في يقظة الوقت.و هي مملكة حَرفه،سلطانة عرشه، يراقصها كسندريلا،كحورية.. فتطير فوق خدر الغيمات و تعود مع الشفق كفها بكفه،تتمشى على تضاريس عشق مباغت لم يحتمل انتظار،لا يعتدل المسار بدونها و وحده يعرف من اين بدأ رسم خارطتها و وحده يفترش انحاء الفِكَر.
انتصف الليل اخيرا و قبل منفى النوم المتجدد التفت الى مرآته،التفتت الى مرآتها فشهقت انعكاسات الصورة من ملامح تشابهت في ربيع الشوق،و هدأ من شدة السكينة و نام الموج على مرفأ الوعد باللقاء القادم و نام الترقب منهكا في احضان الصبر.