تحقق اخيرا دمج ما تبقى من مؤسسات اعلامية حكومية، ضمن التوجهات الاصلاحية للدولة في مجال ادارة المؤسسات العامة، واصلاح الاعلام بشكل خاص، بدخول قرار دمج دائرة المطبوعات والنشر العريقة مع هيئة الاعلام المرئي والمسموع، حيز التنفيذ، تحت مسمى هيئة الاعلام، بهدف توحيد مرجعيات كلا المؤسستين وصلاحياتهما الفنية في منح التراخيص للمؤسسات الاعلامية.
وبذلك تكون المؤسسات الست التي انبثقت عن وزارة الاعلام التي الغيت عام 2003، قد حصرت بثلاث مؤسسات هي :»هيئة الاعلام»، ووكالة الانباء «بترا» ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون، وذلك بعد ان تم الغاء كل من المجلس الاعلى للاعلام، والمركز الاردني للاعلام، ودائرة المطبوعات والنشر.
يحتاج الاعلام الاردني للكثير من المقاربات والعمل الجاد لجهة تنظيم وتوحيد المنظومة التشريعية المتفرقة للعمل الاعلامي، الذي يشهد تنوعا وتطورا مستمرا في وسائله وأدواته، وقبل ذلك، تحديد اولويات الاصلاح في القطاع، هل نحتاج الى اطر واصلاحات قانونية، ام مزيد من العمل لـ»مهننة» المؤسسات الاعلامية، ام تحسين اوضاع العاملين في المؤسسات، ام تزويد المؤسسات بالتكنولوجيا المتطورة لتمكينها من المنافسة والحضور القوي على الساحتين الداخلية والاقليمية..؟.
كل هذه الاسئلة وغيرها، ستبقى مطروحة امام ذوي الاختصاص، طالما لم نتفق على اولويات الاصلاح الذي نريد، وبغض النظر عن التعديلات التشريعية التي تجري بين الحين والاخر، الا اننا لم نضع ايدينا على الجرح في هذا المجال، كون التعديلات التي تجرى « تسكينية « في اغلب الاحيان، ولا ترتبط بنظرة شمولية موحدة تعالج اوجه الخلل، التي تواجهنا حاليا.
وطالما توافقنا على السير باتجاه اختصار عدد المؤسسات التي تدير قطاع الاعلام، وتخطينا العقبات التي واجهتنا في هذا المجال، فما المانع من اختصار التشريعات والاحكام التي تنظم عمل القطاع ايضا، لنصل في نهاية المطاف الى قانون شامل موحد للقطاع، يحل مشكلة التداخل في الاختصاصات، وتعدد المرجعيات، وبما يمكن من تعزيز استقلالية الاعلام، وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، مستفيدين من الهامش المتاح لحرية التعبير والاستثمار، ووجود مؤسسات تدريب وتأهيل على مستوى عال من الكفاءة والامكانات اللوجستية.
ولا يخفى على احد وجود ارادة سياسية حقيقية لتصحيح مسار القطاع ورفع سوية المهنة وتطوير المحتوى الاعلامي، وتعزيز حرية التعبير والمسؤولية المهنية والاخلاقية والاستقلالية المهنية والتحريرية للمؤسسات، وهذه مسؤولية مشتركة لا تقتصر على جهة محددة بذاتها، لدينا الحكومة ومجلس النواب ونقابة الصحفيين بمجلسها الجديد، والمؤسسات الاعلامية العامة والمستقلة، والمستثمرين والعاملين في المهنة من اعلاميين وتخصصات لوجستية اخرى.
بالتالي كل هذه الجهات مسؤولة عن تغيير واقع وحال الاعلام المحلي وما يواجهه من تحديات ومشكلات مالية وتنظيمية وادارية، وما نحتاجه في هذه المرحلة المزيد من النقاشات والحوارات المسؤولة، البعيدة عن الغايات والاهداف المحددة سلفا، للوصول الى توافقات للاطراف حول مستقبل الاعلام الاردني، وكيفية الاستفادة من التطور التقني والتسارع في نمو وسائله وأدواته، وتطويعه لخدمة اهداف وسياسات الدولة وخططها التنموية والاقتصادية المحلية.
imad.mansour70@gmail.com