الأزمة التي تشهدها جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، ليست طارئة ولا جديدة ولا تتعلق بهم وحدهم… فهي أزمة عامة، تطال كل فروع الجماعة ومثيلاتها في العالم منذ عقد من السنوات على الأقل.
وهي بمعنى من المعاني، صورة عن الأزمة التي شهدها الإسلام التركي على وجه الخصوص، ولاتزال بل ومرشحة للانفجار والتفاقم.
فأما أنها عامة، فلأنها ناجمة عن صراع لم يعد يخفى على أحد بين ما يمكن تسميته بالمحافظين القدامى والمحافظين الجدد… واذ بدا لبعضهم أن الحالة المصرية والتونسية هي الأكثر صلة بهذه المقاربة، فأظن أن الحالة التركية هي أكثر ما يمكن القياس عليها بعد انفجار الصراع بين تيار أربكان وتيار فتح الله غولان.
فالظاهرة التركية لاتزال حاضرة في المشهد العربي، من الانقلابات العسكرية إلى صعود الاسلام السياسي مجددا وتداخل كل ذلك بتداعيات إقليمية ودولية شتى، منها الحاجة إلى إسلام ناعم على طريقة غولان الذي يعبر عن خليط متنافر من الصوفية والحنبلية والليبرالية والقومية (الطورانية)، ومن الانشغال بالعقيدة إلى لعبة الأسواق والاستثمارات، ومن الحنين إلى تقاطع المصالح الغابرة مع الانجليز، إلى تقاطع آخر مع سيدة الرأسمالية الجديدة في الولايات المتحدة.
ذلك أن انبعاثا عثمانيا مبرمجا لتطويق أوراسيا الصاعدة (روسيا ومعها الصين) بايديولوجيا إسلامية يمكن أن يحرك النزعات الكامنة في تراث الجماعات الاسلامية الشعوب السوفييتية السابقة.
وبهذا المعنى لو دققنا جيدا في العديد من الأزمات التي تعصف بالجماعة في غير بلد لوجدنا أن ظلال الصراع بين أردوغان وغولان حاضرة بشكل أو آخر..
صحيح أن أردوغان هو تلميذ غولان الذي استخدمه للاطاحة بأربكان (المحافظ جدا) إلا أن السلطة واستحقاقاتها الاقليمية والدولية اعادت تشكيله على نحو أقل اعتدالا عما كان عليه، وليس مستبعدا أن تشهد تركيا تحالفا مجددا بين أردوغان وخصومه الأربكانيين ومع جنرالات الجيش أيضا في مواجهة المحافظين الجدد، الذين بقدر ما يقتربون من مؤسسة الجيش بقدر ما يشكلون بديلا استراتيجيا عنها. وليس بلا معنى، في الحالة الأردنية مثلا، أنه بقدر ما تبدو (زمزم) أقرب إلى تشكيلة الدولة الأردنية، وأكثر أمانا على صعيد الأمن الوطني بصورة عامة، إلا أنها أكثر الحاحا على شراكة غير مرغوبة معها…
فطبول الصقور حول الحرب غرب النهر أقل ازعاجا، كما يبدو من طبول الاصلاح والشراكة شرق النهر.