مثيرة هي تصريحات النائب طارق خوري التي قال فيها ان لجنة التحقيق في مقتل القاضي رائد زعيتر لم تجتمع حتى الان،وقد طالبنا سابقا،بإشهار التقرير الموعود.
كلام النائب يقول فعليا ان القصة تم دفنها،في ذات ضريح الراحل،دون ان يرف لنا جفن ابدا،والمفارقة ان كل الفعاليات التي اقامت الدنيا جعجعة لأجل القاضي عادت وسكتت فجأة،وكأنه سامر انفض من دون سابق موعد او انذار.
والكلام يأخذنا الى كلام آخر اذ ليست مبالغة تلك التي تقول لك ان اي ضرر قد يتعرض له الاردني خارج الاردن،لا يجد من يقف في وجهه،من اعتقال مئات الاردنيين في سجون الاحتلال والعروبة على حد سواء،وصولا الى اغتيال قاض واختطاف سفير،وما بينهما من قصص مؤسفة يعرفها الجميع،ويتعامى عنها البعض.
دول اخرى في العالم وبعضها فقير واقل شأنا من الاردن تقيم الدنيا ولا تقعدها من اجل خادمة تم تعذيبها،في بيت من استقدمها،وهي دول اتخذت اجراءات في حالات معينة اقلها منع استقدام الخادمات لتلك البلاد،فوق الشكوى للمؤسسات العالمية.
في حالتنا تختلف القصة،مئات السجناء كانوا في سجون دمشق الرسمية سابقا،ولم يحظوا بمتابعة،ومعهم سجناء في اسرائيل،ثم سجناء في العراق،وآخرون في دول عربية لها يد خير على هذا البلد.
التمنع عن التدخل يحظى كل مرة بعنوان،تارة الضعف،وتارة عدم الرغبة بتوتير الاشقاء ،وتارة بعدم تجاوب الطرف الاخر.
في مرات،يقال ان السجين الاردني امني او عليه قضايا مالية،فلماذا نحمل كلفة افعاله؟!.
كنا سنصدق بعض التفسيرات،غير ان الحالة ممتدة وتقول ان الاردن لا يريد ان يغضب احدا من اجل خاطر احد،فالعلاقات مع ليبيا واقتصادها وشعبها الذي ينفق بعد طول حرمان بشراسة عز نظيرها،اهم من حياة السفير المختطف.
البارحة يقول ذات النائب طارق خوري ان اسرائيل ترفض ايضا منح ممثلين عن الاردن تصريحا للدخول،وهكذا تتطابق كل القصص التي تخص افرادا عاديين،او مسؤولين،او شخصيات اعتبارية،ومربط الفرس يقول ان المواطن لا قيمة له ابدا خارج الحدود.
لا تعرف ماهي هذه الروح التي تحكم المؤسسات،اذ نتلقى الصفعات يمينا وشمالا،ونتبسم عبر تصنع ابتسامة صفراء في وجه من يصفع،باعتبارنا من اهل الصبر والحلم معا،ولا نريد ان نخرب العلاقات لا مع العدو ولا مع الشقيق،وليتها قاعدة تنطبق عليهما معا،ومن جهتهما ايضا،اذ ُيفرط الجميع في استباحة الاردني في مشارق الارض ومغاربها؟!.
في حالات معينة يقع الاردني في اخطاء وهو في الخارج،وهو ليس مقدسا،وقد يستحق عقوبة من هنا وهناك،لكننا لا نتحدث عن هذا الصنف تحديدا بل عن اجمالي المشهد الذي يقول ان البلد يغمض عينه اليمنى عند كل حادثة،ويتمنى لو انه لا يرى ولا يسمع.
القصة ليست قصة دبلوماسية نائمة،بل قصة سياسة عامة لا تلهث خلف الانسان،ولا تعتبره من مسؤولياتها،ولا تجعل له وزنا ولا قيمة الا من زاوية التصفيق والتهليل و ما يدفعه ماليا من ضرائب حمراء تتنزل عليه اناء الليل واطراف النهار.
هناك رهان واضح على اننا ننسى بسرعة،وهذه خبرة اكتسبتها المؤسسة العامة عبر تعاملها مع المزاج الشعبي الذي يفور سريعا،وسرعان ما يهدأ،ويتشاغل بقصة اخرى.
على اهمية الخادمة ودون حط من قدرها،فإن مواطننا خارج البلد لا يحظى حتى بذات الروح التي نراها في الدول التي تغضب لخادماتها المنتشرات.
هي مفارقة هنا لان مواطننا يخدم بطريقة اخرى،اذ ترك البلد للميسورين والمتنفذين واراحهم من وجهه البائس،وحمل عبء عائلته،وأسال كل ماله باتجاه بلده بطبيعة الحال،،فوق ترك البلد جامعة للقومية العربية لاثبات نزعته العروبية، وبرغم هذه المزايا،الا انه لا يجد من ينتشله اذا وقع في مأزق ما،ظالما كان ام مظلوما.
هي مناسبة هنا،في ظل ما قاله خوري،ان نعود ونذكر بدم القاضي مجددا،ونعود ونذكر بحياة السفير المختطف،وبينهما قوس من سوء المعاملة للاردنيين في الخارج من جانب بلدهم.
ثم السؤال المؤلم الذي يقول كيف سيدافع الانسان عن هؤلاء وهو لا يجد احدا فيهم من يدافع عنه لو اضطر او استغاث والسؤال مفرود للاجابة؟!.