تعيش الأندية الايطالية أزمة حقيقية منذ عدة سنوات، وأصبح الكالشيو مكاناً يهرب منه نجوم اللعبة لا مقصداً على العكس مما كان سائداً في الماضي، وأصبحت أنديته لقمة سائغة في البطولات الاوروبية، بل إن بطلهم يوفنتوس لم يستطيع اجتياز دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا.
الكرة الإيطالية حتى بدايات القرن الحالي وخصوصاً في أخر عشرين سنة من القرن الماضي، كان مقصداً لكل النجوم والحلم الأكبر لكل لاعبي الكرة في العالم فمرت فيه اسماء مثل بلاتيني ومارادونا وباجيو وفان باستن ورود خولييت ولوثار ماتيوس وجورج وياه، وأصبح المكان المفضل للكرة الذهبية بل وصل الحد لأن يصبح الثلاثي المرشح للقب من لاعبي الدوري الايطالي في أعوام 1988 و 1989 و 1990 قبل ان يتحول في الأعوام الأخيرة لمسابقة متوسطة المستوى تكتفي باللاعبين المنبوذين من فرقهم أو الشباب الصاعدين أو القريبين من الاعتزال.
ويحاول موقع من خلال هذا التحقيق أن يمر على أسباب ما جرى، ويكشف عن المسؤولين عن تحويل جنة كرة القدم حسب وصف مارادونا إلى أرض عادية الجودة.
1- أزمة الكالشيوبولي وبالرغم من وجود شكوك حول تخصيص يوفنتوس كضحية، وذلك بعد اثبات المدعي العام الايطالي بالازي وجود بعض المكالمات الهاتفية التي تدين نادي انتر ميلان والذي وُجه إليه تهمة الاحتيال وانتهاك القانون والتي سقطت وقتها طبقاً لقانون التقادم لمرور 5 سنوات على القضية إلا انها اثرت بشكل كبير على مستوى الكرة الايطالية ،فأصبح يوفنتوس الفريق الأكثر تتويجاً بالألقاب يعاني مالياً وفنياً بعد رحيل معظم نجومه وانخفاض عقود الرعاية وانتهت المنافسة في الكالشيو وأصبح انتر ميلان وحيداً يغرد خارج السرب لسنوات، وبدأت أندية الوسط في تمثيل ايطاليا اوروبياً وهو ما اثر بشدة على نقاط الاتحاد الايطالي في التصنيف الاوروبي مما أفقده في النهاية البطاقة الرابعة في دوري الأبطال لصالح الألمان.
2- أثناء محاولات الأندية الايطالية في التعافي من أزمة الكالشيوبولي والذي ادين فيها 5 أندية من الدرجة الأولى جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية والتي تأثرت بها ايطاليا بشدة لتعصف بعدد كبير من الشركات الراعية للأندية والتي وصلت لحد اعلان بعضها الإفلاس. تأثر بهذه الأزمة كثير من رجال الأعمال من اصحاب الأندية الايطالية مما قلل كثيراً من منافسة الأندية الايطالية لنظيرتها الاوروبية بسبب تراجع الانفاق، وبدأت الأندية تفكر في التعاقد مع مدربين ذوي أجور أقل، بل إن بعضها تأخر بإقالة بعض المدربين حتى لا يدفع له تعويضاً رغم سوئهم.
3- تمثل الملاعب الايطالية أحد أسباب تراجع الكرة الايطالية بشكل واضح وهي التي ساهمت بتفوق الكرة الألمانية ،فكل الملاعب ( باستثناء ملعب يوفنتوس الجديد) تم بنائها منذ سنوات طويلة ولا تلقى بالرعاية والصيانة اللائقة في ظل عدم امتلاك الأندية لتلك الملاعب، فالفريق الوحيد الذي يملك ملعبه هو يوفنتوس، مما يجعل إدارة الملاعب كلها مسؤولية بلديات المدن التي تعاني من ميزانيات ضعيفة في ظل التراجع الاقتصادي، الأمر الذي حول ملعباً مثل سان سيرو إلى سيء الجودة في المرافق كدورات المياه والمطاعم مما جعل المشاهدين يقررون مشاهدة المباريات في المنزل.
مسألة الملاعب المشتركة تقلل من دخل النادي من عوائد الحضور، وكذلك من عوائد الإعلانات في الملعب، كما يقيد الأندية ويضيع عليها فرص عقود رعاية للملاعب بمبالغ طائلة.
4- يشكل غياب تطبيق قانون الملكية التجارية وحقوق البيع أزمة حقيقية للكرة الايطالية في ظل عدم قدرة الأندية على تسويق منتجاتها بشكل صحيح، فوجود القرصنة على تلك الحقوق وانتشار المنتجات غير الأصلية والتي يكون سعرها البخس مقارنه بالمنتجات الأصلية ضربة قوية لدخل الأندية الإيطالية، هذه القرصنة تصل إلى حد يرى المشجعون أمام كل الملاعب باعة متجولين ومحلات مؤقتة تبيع البضائع المقلدة.
5- تأخر قبول بعض الاستثمارات الأجنبية، فرغم التقاليد بامتلاك عائلات إيطالية للأندية الإيطالية، فمؤخراً تنازل رئيس الانتر ماسيمو موراتي عن 70% من ملكية فريقه للأندونيسي إريك توهير، وهو لو فعل ذلك في عام 2010 لكان أبقى فريقه في القمة، كذلك حال ميلان الذي تلكأ كثيراً بقبول عروض المهتمين.