أمس مرّ ما يسمّى «يوم حرية الصحافيين»، وهكذا فليس للصحافي غير هذه الساعات الـ24 من السنة، الثالث من أيار للاحتفال، أمّا باقي الأيام فالزملاء معرضون للموت برصاصات أو بقطع الرؤوس، أو بجلطات في الدماغ.
ومع ذلك فليس بالضرورة أن يكون يوم أمس مرّ دون قمع، وبالضرورة فهناك مقال مُنع اليوم ولن يرى النور غداً، وبالضرورة فهناك صحافيون سيكتبون ما لن ينشر من قصص إخبارية، وهناك آخرون سيفكرون في الكتابة ثمّ يتقاعسون؛ خوفاً من مجهول معلوم.
وقد امتلأت صحفنا بالمقالات الداعية إلى الحرية، لكنّها بالضرورة ليست حرة، فهل نملك أن نعلن أمام الملأ أننا لسنا أحرارًا في قول ما نريد؟ وهل نملك أن ننشر أخبارًا سوف يعتبرها الآخرون من باب نشر الغسيل الوسخ، وتشويه صورة الوطن؟
احتفلنا، إذن، مع الآخرين باليوم العالمي لحرية الصحافة، لكننا نعترف أمام الجميع بأننا لسنا أحرارًا، وما يزال الطريق أمامنا طويلًا للوصول إلى تلك الحرية التي ناضل من أجلها آباؤنا، فأكلوا الحصرم منذ عشرات السنوات، وما زلنا نضرسه ضرسًا، ويبقى أنّ التقارير الدولية كلّها تتّفق على أنّ التراجع هو العنوان، ونحن نتّفق معها على ذلك.