اضطراب الأحوال، وتبدل المواقف والأقوال، وما تشهده المنطقة العربية من هوس للتغير، يخطر ببالي افتتاحية مسلسل "حارة أبو عواد" والتي يقول فيها صاحب الحارة وحلال مشاكلها جملة مفيدة ومعبرة " كل مشكلة والها حل".
هذا المسلسل الذي لاقى نجاحاً كبيراً في العالم العربي، يحمل من المعاني ما نحتاجها اليوم، فقد لامس المسلسل مشاكل مجتمعية قريبة من الواقع العربي من المحيط إلى الخليج بلغة أردنية بسيطة، كانت الأقوى تأثيراً في مرحلة الثمانينات.
ففي بداية الأغنية " أبو عواد عامل عنتر بن شداد" حاله كحال الكثيرين من أصحاب القرار في عالمنا الصغير، ثم هو "حامل للسلم بالعرض" كحال من تغنوا بالإصلاح وهم يفقدون أبسط أدواته، وبعدها تكون النتيجة الطبيعية " إنت بواد وإحنا بواد".
كلمات الأغنية لم تنتهِ بعد، وفيها " لا تقولوا أف ولا آه" " هذا البير وهذا غطاه" فإذا كانت مشاكل المجتمع في بداية الثمانينات بهذا الوضوح مع قلة الخبرة والضعف في وسائل الاتصال وتناقل التجارب بين الشعوب فكيف تكون الحال في هذه الأيام؟، لا شك أنها أشد وضوحاً واقرب إلى المنطقية، فلا نحتاج من يضلل علينا رؤيتنا وخياراتنا، كل ما نحتاجه مشاركة فاعلة من أجل الخروج بـ "حارتنا" إلى بر الأمان.
إن العزوف عن السير في ركب الإصلاح تحتاج من المسؤول أن " يسمعنا ويفهم على طول" لا أن يتجاهل همومنا وآراءنا ويتفرد برؤيته الضيقة لحلول آنية "فهذه حالتنا مالها حل " " بدنا رأيك شو بتقول".
نعم يا أبو عواد قلها ولا تتردد فـ " الكلام ما قل ودل" وحمل في طياته حرصاً وحرقةً على مصالحنا وأحوالنا لنستمع بعد ذلك إلى حلولك لكل هذه المشاكل كما تتغنى دائماً " كل مشكلة وإلها حل"، وحتى لو كان الكلام الصحيح سيتسبب بعلّة للجميع كما تدعي.
قلها يا أبو عواد وريحنا، ما هي حلول مشاكلنا وكيف الخروج من مأزقنا.
أبو عواد نحن نحتاج إلى خبرتك في حارتنا، فلا تتركنا لأمثال صديقك وجارك مرزوق – رحمه الله - فيقولوا لنا أو لك: شي غاد.
* كتبت هذا المقال وأنا أتابع أحداث ليبيا، وعدت في ذاكرتي إلى عام 1999م عندما كنت في ليبيا وأراد أهلها أن يكرمونا بسهرة أردنية فعرضوا لنا مسلسل أبو عواد، وفي ختام السهرة جاءنا شاب ليبي الملامح بابتسامة لطيفة فقال: " ندلك ندلك ما أقوى عينه".
اللهم فرج كربهم واستر ضعفهم