يفترض بالنتائج التي خلص إليها تقرير تقييم التخاصية أن تكون دليلا استرشاديا عند وضع خطط وبرامج المستقبل, وهو ما حظي ب 30% من مساحة التقرير , فيما أشبع في ال70% المتبقية الاتفاقيات تحليلا وتفكيكا , ما يمهد إلى عودة الجدل حول البرنامج إلى المربع الأول.
مخطئ من يعتقد أن التقرير قدم مسوغات قانونية لنقض الاتفاقيات , فهي لا تخص طرفا واحدا وهو الحكومة يتفرد في القرار بشأنها , فللطرف الثاني وهم جمهور المستثمرين رأي أخر وحقوق لا تحصى , وإن كان ثمة أخطاء فهي مسؤولية المخطئ الذي باع وليس المستثمر الذي اشترى.
نحذر هنا من أن أية خطوة لإجراء قانوني ستواجه بدعاوى كبيرة ومكلفة لحفظ الحقوق , وإن كانت من نوايا لمثل هذه الخطوات فمن الأفضل أن تتم مع المستثمرين وديا,أوتضمين الملاحظات عند تجديد الاتفاقيات أوعقد أخرى تكميلية.
لا نقول أن مراجعة الاتفاقيات عملية ليست ممكنة , بل ننبه إلى أن التصرف حيالها من طرف واحد سيقود إلى معارك قضائية ليس هذا هو أوانها , لا ماليا ولا اقتصاديا.
كان من أهم واجبات اللجنة التدقيق ما إن كانت ثمة أخطاء ارتكبت , لكن كان من مهماتها أيضا أن تبحث أكثر في الأسباب التي قادت إلى تنفيذ هذه السياسات , وكنت آمل أن يتضمن التقرير مقارنة بين أوضاع الشركات أوالمشاريع قبل الخصخصة وبعدها والمقارنة أيضا يجب أن تعقد بين ما أدت إليه السياسات الاقتصادية قبل أزمة عام 89 وما أدت إليه السياسات التي طبقت بعد هذا العام.
إن كان مقبولا منا أن نضيف بعض الأفكار إلى التقرير, فنبدأ بسؤال عن أسباب خسائرالشركات أو تدني ربحيتها قبل الخصخصة بقدر ما نسأل عن أسباب تحولها إلى الربح بعد الخصخصة !.
أخشى أن يتحول التقرير إلى منصة يعتليها المتحفظون على برامج التخاصية للمطالبة بتأميم الشركات التي أشار إليها بالأخطاء في جانب القيمة أو الإجراء , لا بأس مقابل ذلك أن يطالب المستثمرون بفارق السعر في شركات تراجعت أسعار أسهمها وقيمها بفارق كبيرعن سعرالبيع وأن يطالبوا بالتعويض عن أخطاء الإجراءات , التي قد تكون أضرت بمصالحهم.
التقرير لم يشر إلى مسألة مهمة وهي أن الحكومة ما زالت مالكا رئيسيا في المشاريع الهامة وهي لم تنسحب كليا من الشركات التي خصخصت , فاحتفظت إلى جوار الضمان الاجتماعي بحصة مؤثرة تتجاوز 26% في البوتاس ولها إلى جانب الضمان 42% في الفوسفات , فما الذي يمنعها من الشراكة الفاعلة في الإدارة أوحتى الهيمنة أو التأثير بنفوذ هذه الحصص فلها ممثلون في مجالس الإدارة يفوقون عددا نظراءهم من القطاع الخاص أو الشركاء كما أنها أي الحكومة شريكة إلى جوار الضمان وهو صندوق ادخار الأردنيين في تقاسم الأرباح العائدة على الحصص.
يسجل للتقرير أنه سيضع حدا لشائعات قالت أن الخصخصة أضاعت على الخزينة أموالا طائلة لمصلحة المستثمرين , فقد ثبت أن عائدات الخزينة من الشركات فاقت كثيرا ما حققه المستثمر من أرباح كما أنه أنصف آلية استخدام العوائد.