فى ظل أزمة عالمية تواجه زراعة وصناعة القهوة، بسبب الجفاف والتغيرات المناخية،التى أدت لارتفاع كبير فى الأسعار، انتشرت القهوة المغشوشة فى أسواق دول أمريكا اللاتينية والأوروبية أيضا، وذلك وسط ارتفاع فى أسعار القهوة حيث اقترب سعرها من 10 دولارات للرطل بينما تباع عبوة 500 جرام من "القهوة المغشوشة" مقابل 2.80 دولار فقط فى المتاجر الكبرى.
وشهدت أسعار القهوة ارتفاعا بنسبة 40%، وهو مستوى لم نشهده منذ أكثر من 50 عاما، وتؤثر هذه الزيادة بشكل مباشر على الصناعة العالمية، من المنتجين إلى المستهلكين، وتثير تساؤلات حول مستقبل السوق.
وأشارت صحيفة انفوباى الأرجنتينية إلى أن تلك القهوة المغشوشة، أثارت جدلا واسعا فى البرازيل بشكل خاص، وذلك بسبب طريقة تغليفها غير المفهومة، وهى تخضع لتدقيق وزارة الزراعة التى تحقق فى مخالفات مثل استخدام القشور والحبوب المعيبة والمنكهات.
وأوضحت الصحيفة، أن "القهوة المزيفة " هى منتج يحاكى طعم القهوة، لكنه لا يحتوى على حبوب القهوة المحمصة والمطحونة. وبدلا من ذلك، يتم إنتاجه من القشور أو القش أو الأوراق أو أجزاء أخرى من نبات القهوة غير البذور، وقد تم التعرف على مثال حديث فى باورو، فى ساو باولو: منتج يسمى "Oficial do Brasil"، والذى تم تصنيفه على أنه "مشروب بنكهة القهوة التقليدية". على الرغم من الإشارة الموجودة على العبوة إلى أنها ليست قهوة خالصة، إلا أن التصميم المشابه لتصميم العلامات التجارية التقليدية يمكن أن يربك المستهلكين فى ظل ارتفاع الأسعار.
وأشارت الصحيفة، إلى أن متوسط سعر "القهوة المغشوشة" أقل بكثير من سعر القهوة التقليدية. فى حين أن نصف كيلو من المنتج المقلد يكلف حوالى 13.99 ريال برازيلى، فإن نفس الوزن من القهوة الحقيقية يكلف 30 ريال برازيلى عند البيع بالتجزئة، ويجذب هذا الاختلاف المستهلكين الذين يبحثون عن بدائل أرخص، لكنه يثير المخاوف بشأن جودة هذه المنتجات وسلامتها الغذائية.
وصنفت جمعية صناعة القهوة البرازيلية (Abic) هذه الممارسة بأنها "محاولة واضحة لخداع المستهلك". وقال سيليريو إيناسيو دا سيلفا، المدير التنفيذى للكيان، أن بيع هذه المنتجات يتعارض مع جهود الصناعة لضمان نقاء وجودة القهوة البرازيلية، بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاطر صحية على المستهلكين بسبب عدم وجود تنظيم مناسب، وقد أبلغ أبيك بالفعل وزارة الزراعة والوكالة الوطنية لمراقبة الصحة بهذه القضية.
محلات السوبر ماركت فى حالة تأهب
وأكد السلطات البرازيلية أنه أيضا أن محلات السوبر ماركت مسؤولة عن المنتجات التى تبيعها. وبحسب سيلفا، فإن تجار التجزئة قد يرتكبون جريمة من خلال بيع منتجات "مزيفة" من خلال تقديم منتجات تتحايل على المعايير التنظيمية، وتؤكد الجمعية أن هذه المواد لا ينبغى أن تكون متاحة فى السوق دون إثبات سلامة الغذاء.
وكانت السلطات الكوبية قامت مؤخرا بتفكيك مصنع سرى للقهوة فى بلدية مارياناو الواقعة فى هافانا، والذى كان يقوم بتصنيع قهوة مغشوشة ويقوم بتعبئتها فى حاويات من ماركات معروفة بأسعار منخفضة إلى حد ما من الأسعار الحقيقية للقهوة الأصلية، وذلك بعد ارتفاع كبير فى أسعار القهوة فى الأسواق الكولومبية.
وأشار موقع ديريكتور كوبانو إلى أن هذا المصنع يقوم بتصنيع قهوة مغشوشة ويقوم بتعبئتها تحت اسم ماركات معروفة فى السوق السوداء، مما أثار موجة من السخط بين الشركات التى اكتشفت أنها قهوة مغشوشة.
وأشار الموقع إلى أن القهوة المغشوشة عكست الأزمة الخطيرة التى تواجهها البلاد، أعرب العديد من المستخدمين عبى التواصل الاجتماعى عن قلقهم بشأن تورط مسؤولين أو موظفين فى الدولة فى تجارة مواد التغليف التى يستخدمها المصنع.
واتهم البعض مسؤولين فى مصانع التعبئة والتغليف ببيع الحاويات لاستخدامها فى الأعمال غير القانونية، فى حين أشار آخرون إلى ضعف سيطرة الدولة على الإنتاج الزراعى باعتباره أساس المشاكل.
ويعد تفكيك هذا المصنع السرى جزءًا من الحملة ضد الفساد والاتجار بالمخدرات التى تروج لها الحكومة الكوبية، ومع ذلك، لا يزال سكان الجزيرة يواجهون صعوبات فى الوصول إلى السلع الأساسية، مما يترك شعوراً عاماً بالإحباط.
وصل سعر القهوة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق فى بورصة نيويورك، حيث أغلق عند 4.21 دولار أمريكى للرطل، وهى أطول فترة ارتفاع متواصلة على الإطلاق، ويهدد الارتفاع التاريخى فى الأسعار بزيادة التكاليف بالنسبة للمنتجين والمستهلكين، حسبما قالت صحيفة كولومبيانو.
ما هى حبوب إكسيلسا؟
فى ظل أزمة عالمية تواجه صناعة القهوة بسبب الجفاف والتغيرات المناخية، بدأت تنشط زراعة حبوب أخرى للقهوة تعرف باسم إكسيلسا، وتتميز بقدرتها على تحمل الظروف المناخية القاسية، ما يجعلها بديلاً واعدًا وسط التحديات التى تواجه الدول المنتجة للقهوة مثل البرازيل، التى يُتوقع أن ينخفض محصولها بنسبة 12% هذا العام بسبب الجفاف.
وتوقع تقرير أنه انخفض المخزونات العالمية فى موسم 2024-2025 إلى أدنى مستوى خلال 25 عاما وعليه، فإن نقص المعروض من القهوة أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، مما يعكس حالة من القلق بشأن الإمدادات.
اكتُشفت حبوب قهوة إكسيلسا قبل أكثر من قرن فى جنوب السودان، وأثارت اهتمام المزارعين فى البلاد ما قد يسهم فى تعزيز اقتصاد البلاد.
كما تنمو إكسيلسا فى دول إفريقية أخرى مثل الكونغو وأوغندا، بالإضافة إلى الهند وإندونيسيا وفيتنام، وتتميز شجرتها بجذور عميقة وأوراق سميكة، مما يمنحها قدرة على تحمل الحرارة والجفاف، كما أنها مقاومة للعديد من الأمراض التى تصيب القهوة.
وقال آرون ديفيس، رئيس قسم أبحاث القهوة فى الحدائق النباتية الملكية بـ"كيو" فى لندن، أن قهوة إكسيلسا قد تلعب دورًا أساسيًا فى تأقلم القطاع مع التغيرات المناخية.
ورغم إمكانياتها، لا تشكل إكسيلسا حاليا سوى أقل من 1% من السوق العالمية، حيث يسيطر نوعا أرابيكا وروبستا على الاستهلاك العالمى، ويؤكد الخبراء ضرورة توسيع زراعة إكسيلسا لسد الفجوة الناجمة عن آثار التغير المناخى على إنتاج القهوة.