كتب أسامه الراميني
مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي محمد الطراونة تم إحالته قبل أيام إلى التقاعد وبرر مجلس الوزراء قراره ببلوغ الطراونة السن القانوني بمعنى أصبح عمره 60 عاماً .... القرار كان صاعقاً مفجئاً مباغتاً غير متوقع أبداً وتحديداً إدارة مؤسسة الضمان وكافة العاملين بها الذين صدموا مع هذا القرار الذي يبدو أن هنالك من حاول ان يطيح بالمدير الطروانة من هذا المنصب وفي هذا التوقيت تحديداً بالوقت إلى ان المدير العام لم يمضِ في منصبه سوى سنتين ونصف تقريباً ولم يكمل بعد مشواره الطويل اسوةَ لغيره من المدراء الذين كانوا يمضون سنوات طويلة وهم في مناصبهم.
الطراونة لا شك أنه خسارة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى فالرجل يمتلك خبرة طويلة وقاد المؤسسة خلال الفترة الماضية بطريقة ملفتة للانتباه وقاد ثورة بيضاء بلا هوادة ضد جيش المستشارين الذي اثقل حركة المؤسسة وخفف من الحمل والعبىء بشكل ملفت للانتباه وواجه مع الإدارة التنفيذية عدد من الملفات الإدارية والمالية والتنظيمية ولكنه لم يستكمل مشواره أو ينجز مهمته على أكمل وجه ولم ينهِ بعد ما كان يحلم به وربما من حاول أن يدخل الطراونه في حقل ألغام وافتعال معارك جانبية داخلية داخل المؤسسة وخارجها بهدف الاطاحة به والتخلص منه خصوصاً وأن العلاقة التي كانت تربط الطراونه برئيس مجلس المؤسسة وزير العمل خالد البكار لم تكن على ما يرام وكان يشوبها صراع خفي يحاول الوزير اذكائه وتحميل الدكتور الطراونه المسؤولية به حيث كان دائم الشكوى والتذمر في دائرته الضيقة من أن فكر الطراونة لا يتماشى حقيقةً مع رؤية الوزير الذي استطاع "يخلع" الوزير على حين غفلة بعد أن أدخله في عدة معارك وجعله يتصدر المشهد ولو لحين أو لبعض الوقت والأدلة كثيرة في ذلك ، فالطراونة الذي قاد ثورة بيضاء ومعركة طويلة ضد جيش المستشارين ورؤساء الأقسام والمدراء الذين تم التخلص منهم على أكثر من دفعة كان بدعم من الوزير وموافقة المدير العام الذي لم ينجز العديد من الملفات والمهام والمسؤوليات داخل المؤسسة وتحديداً التقنية والتكنولوجية والهيكلة الادارية والدراسات الاكتوارية حيث كان الطراونة يدخل مسارات مختلفة وبسرعات لا تتناسب مع رؤية الادارة التي كانت تجد بالطراونة مهمة ثقيلة في ادارة الكثير من الملفات المكدسة والمعطلة والمتأخرة ولكن الوزير البكار عرف كيف ينتقم ويثأر ويحقق ما يريده خصوصاً وأن هنالك اتهامات لإدارة المؤسسة بأنها مسؤولة عن تسريب أو تهريب معلومات خطيرة تتعلق بإبنه الذي تم الموافقة على تقسيط مديونيته وبشكل اعتبرها الوزير انها ضربة من تحت الحزام من بعض ادارة المؤسسة المتهمة بأنها قامت بتهريب تلك المعلومات الخطيرة وتسببت بإحراج الوزير امام الرأي العام وأمام دولة الرئيس.
الاطاحة بمدير عام الضمان مالم يكن يمر لولا تدخل وزير العمل الذي لم يمنع على الأقل قرار التضحية به في الثلث الأول من شهر رمضان المبارك ، ولا شك حقيقةً أن قرار مجلس الوزراء في إحالة الطراونه إلى التقاعد لم يكن موفقاً بالمطلق ولا يحمل أي دلالة أو توقيت خصوصاً وأن مهمات كبيرة على أجندة أولويات إدارة الضمان التي كان بإمكان تأخير الإحالة لشهور معينة أو حتى لسنة قادمة بدلاً من ترك الإدارة في هذا الوقت الحساس والهام بدون رأس ، فمعيار بلوغ سن التقاعد غير مقنع أبداً ولا ينطبق على الإدارات التنفيذية والأمناء العامين وفقاً لنظام الموارد البشرية الذي يستثني هذه الفئة من قيد وشرط السن القانوني ، كما أن الحكومة أعلنت عن نيتها عن اقتراح قانون جديد للضمان الإجتماعي وتحتاج إلى مدير للدفاع عن هذا القانون فكيف لحكومة تعلن عن قانون جديد في الوقت الذي تخنق به مديرها العام الذي كان من المفترض أن يكون متواجداً للدفاع عن نصوصه ومواده التشريعية ليس هذا فحسب بل لأن الحكومة لم تنتبه على واقع حال الدراسة الاكتوارية التي من المتوقع ان تخرج للعلن وللناس بنسختها الـ11 قريباً وكان الطراونه بصفته الخبير الاكتواري لهذه المؤسسة وصاحب تجربة لم يكونوا حاضراً عند اشهار الدراسة الاكتوارية الخاصة بالمؤسسة مما سيعقد المسألة تأزيماً وشرحاً وتوضيحاً .
وبصرف النظر عن شرعية القرار وقانونيته إلا أن الأسئلة التي يتم تداولها هذه الأيام عن المدير القادم ومواصفاته وخبراته وإمكانياته وفيما إذا كان من رحم المؤسسة وأروقتها ام انه سيهبط من "براشوت" على سطحها بدعم من متنفذين في الدوار الرابع .... المعلومات تشير بأن المدير القادم هو ابن الكادر الوظيفي للمؤسسة وهكذا يجب ان يكون لأن ابن المؤسسة هو الأكثر قرباً والتساقاً ووعياً وفهماً لآلية العمل المطل على القوانين والتشريعات والأنظمة وهو الذي يعرف بخبرته وامكانيته الدهاليز والفنيات والتفاصيل والإجراءات ووجوده على رأس المؤسسة يعطي القدرة والامكانية للمؤسسة بأن تختار واحداً من أبنائها وواحداً من العاملين لديها والمؤسسة وللأمانة مليئة وزاخرة بالقدرات والكفاءات والخبرات التي تستطيع أن تتخذ القرار المناسب لأنها ببساطه على اتصال وعن قرب تعرف جغرافية الهيكلة الادارية والخصوصية وطبوغرافية المكان بدلاً من مدير مستورد لا يعرف ولا يعلم أي شيء عن تلك المؤسسة التي تمثل أمل ومستقبل الأجيال القادمة.