خاص - اخبار البلد - في اللقاء الأول معه، يترك رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح باشا بينو انطباعات راسخة عنه، فهو حيوي، مليء بالعنفوان كأنه لم يغادر العشرينات من عمره، وذكي ولماح، ويتابع كل صغيرة وكبيرة في دائرته، وفي البلد، وله رأي في كل ما يجري.. وإن كان كثيرا ما يضن به.
لا يمخض ثقته للاخرين إلا بعد تجربة، وكثيرا ما يتفحص محدثيه، كأنه يزن كلامهم، ويعمل الرأي فيه، وإن تكلم.. يكون حريصا على انتقاء كلماته بدقة القانوني المتمرس، ولا يخلو الأمر احيانا، من ان يكون مستفزاً للاخرين.. رغبة منه في تشكيل رؤياً عنهم.
اكسبه عمله الطويل في دائرة المخابرات حرصاً وفهما لنفسيات الناس، وليس مثله من قد تنطلي عليه حيل وتقولات.
وفي كل احواله ينشد الحق، والحقيقة، ولا يتعداهما، وقوة شخصيته لافتة.
ثمة من يصف الباشا بينو بأنه رجل قوي وجاد، عنيد وصعب المراس، وثمة من يصفه بالانسان الرائع الذي يحس بالام الناس، والوطني الشريف الذي لا تأخذه في سبيل مصلحة الوطن لومة لائم.
ولد سميح موسى يونس بينو عام 1944 في صويلح التي جالت في اجوائها الفسيحة والمطلة، نسور وعقبان، ولطالما عني الفتى الشيشاني بتوثيق عرى الصداقة مع النسيم الحر في تلك الانحاء، واشجار سرو وصنوبر عالية، تظل شامخة بقامتها العالية.
عادة لا يعتريه ندم.. لكنه حين يتذكر دروب الطفولة ومدرسته الابتدائية يأسى على بساتين دراق وتفاح ولوز وزيتون وتين اندثرت، وحقول كانت تعج بالخضرة والسنابل الى نهايات المدى.. حلت محلها العمارات الشاهقة وطرقات الاسفلت وضجيج السيارات.
يعد الباشا سميح بينو من أعيان الشيشان، تعلم الكثير من والده، واسرته التي لها المقام الأول في فؤاده.. وما يزال.
في الايام التي كان بها خارج المنصب، لطالما انهمك في نشاطات مع اقربائه، في الجمعية الشيشانية، واستقبل شتى الناس، يحاول ما استطاع حل مشاكلهم. فالرجل الذي لا يرى نفسه الا بينهم، يستمد عزيمته من حبهم وتقديرهم له، من الصعب ان يرتاح.
بعد انهائه دراسته الثانوية انتقل الى دمشق دارسا في جامعتها الحقوق، واطلع فيها على زخم الحركات السياسية والثقافية، و لياسمين الشام مكان في قلبه لا يراوحه الى الان.
انهى دراسته في العام 1967، في السنة التي شهدت حرب الايام الستة، ولكم المه ما الت اليه فلسطين، وقدس الاقداس، والمآساة التي حاقت بالناس.
عمل في المحاماة فور عودته الى عمان التي يحب، وحتى العام 1971، حين التحق بدائرة المخابرات العامة، بعد ان اكتشف طريقه في الحياة.
قيل الكثير عن اختياره وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء في حكومة فايز الطراونة 1998-1999، لكنه لم يظهر في الصورة الا بالقدر الذي يسمح له به منصبه.
في عهد تلك الحكومة رحل المغفور له الملك الحسين، وكان بينو فقد بفقده الملك ورفيق السلاح والاب الحاني.
تصرمت السنون بعد ذلك ببينو، بعيد ان عين عضوا في مجلس الاعيان عام 2001-2003، وعاد لمزاولة المحاماة، كما شغل منصب عضو مجلس ادارة في بنك الاردن والخليج، وعضو مجلس ادارة شركة ايكو للسمعيات والبصريات، ورئيس جمعية اصدقاء جمهورية الشيشان في الاردن.
فوزه في انتخابات عام 2007 شكل اضافة نوعية لمسيرته، واثبت شعبيته، لكن رجل الدولة كان يطمح الى دور اخر.. فلم يترشح ثانية.
منذ 2010 عين بينو رئيسا لهيئة مكافحة الفساد خلفا للقاضي والوزير عبد الشخانبة، ومنذ ذلك الوقت يحارب على كل الجبهات، في سبيل الوطن.
"يمقت الواسطة ويرفضها، نزيه ومتعب في نزاهته، منكب على عمله لدرجة انه أحيانا ينسى نفسه".. بعض ما قاله من يعرفوه.
صلاته بالاعلام رسمية في غالبها، فهو ينحو للتكتم ولكنه ايضاً كثيرا ما يفجر مفاجآت، يكون بعضها غير متوقع.
بينو حاز العديد من الاوسمة منها عدة اوسمة عسكرية، وسام الاستقلال، وسام الكوكب الاردني.
يبقى ان الباشا يجمّل صدره بالوطن..