أخبار البلد -أحمد جميل شاكر
قبل نحو عشرين عاما، وبعد أن شاهد جلالة المغفور له باذن الله تعالى الحسين بن طلال طيب الله ثراه المآسي، والاوضاع الصعبة في مؤسسة الحسين للرعاية الاجتماعية في عمان، والتي تضم المئات من الأيتام، أمر على الفور بأن يتم نقلهم الى مبنى جديد في منطقة القصور الملكية في الحمر، وأن يتم تحديث المؤسسة بعد ذلك لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الأيتام.
وقد مرت العديد من مراكز الأيتام، والمعوقين بأوضاع مأساوية دفعت جلالة الملك عبدالله الثاني الى الطلب من الحكومة ايلاء هذه المراكز الاهتمام البالغ، بعد أن عرضت محطة B.B.C البريطانية فيلما وثائقيا عن تعرض الأطفال للايذاء، والضرب على يد المعلمات المشرفات عليهم، كما أن معظم مراكز الأيتام والأحداث التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية شهدت حوادث مؤلمة لا مجال لسردها، لأن رقابة الوزارة على هذه المراكز كانت في حدها الأدنى، ولم تتخذ أية اجراءات صارمة لمنع تكرار أية انتهاكات لحقوق النزلاء، حتى أننا نذكر كيف احترق وجه ورأس أحد الأطفال، لأن المشرفة تركته قرب التدفئة المركزية.
وقد هزنا من جديد ما حدث في مؤسسة الحسين للرعاية الاجتماعية في عمان من أصابة 44 طفلا بالروتا فيروس، حيث تم ادخال نصف هذا العدد الى مستشفى البشير لتلقي العلاج ووضعهم تحت المراقبة فيما اوفدت وزارة الصحة عددا من الأطباء والممرضين والممرضات الى المؤسسة لمتابعة أحوال 22 طفلا آخرين وتقديم العلاج اللازم لهم، بعد أن عانوا جمعيا من الأسهال الشديد، ويعتقد ان سبب أصابتهم بجرثومة الروتا فيروس تناولهم طعاما فاسدا من مستودعات المؤسسة، حيث يحرص الطاقم العامل هناك على تناول اللحوم والدجاج والاسماك والخضار الطازجة، بينما تقدم المواد الغذائية المجمدة للذين عانوا هذه المرة من أوجاع في المعدة، الى أن خرج الأمر من أيدي طاقم المؤسسة، واضطروا لابلاغ وزارة التنمية، والتي بدورها نسقت مع وزارة الصحة لنقل الأطفال الى مستشفى البشير وعلاجهم.
أن الأوضاع الصعبة التي تعيشها هذه المؤسسة والعديد من مراكز ايواء الأيتام والمعوقين في القطاعين العام والخاص، تجعلنا نتساءل عن جدوى الاجراءات والتعليمات التي تصدرها وزارة التنمية الاجتماعية بعد كل حادثة، ويكون مصيرها الاهمال، لأن العمل في المراكز الحكومية أصبح وظيفة قبل أن يكون انسانيا، وفي القطاع الخاص أصبح تجارة رابحة ورائجة، حتى أن افتتاح مثل هذه المراكز أصبح يحتل الأولوية لدى المستثمرين بهدف الأرباح، قبل أن يكون في حسابهم أن الأمر يتطلب المزيد من الاهتمام بهذه الشريحة من الأطفال والمعوقين نفسيا وجسديا، مع حسن المعاملة، وتوفير الغذاء الصحي والجيد لهم، وتقديم أقصى عناية ممكنة وعلى يد أخصائيين متدربين، لا خادمات يعملن في النظافة فقط.
اننا ونحن نتطلع الى نتائج التحقيقات في هذه الحادثة لنأمل أن يتم وضع الأمور في نصابها، وفتح ملف هذه المراكز في القطاعين وأن تقوم كل الجهات المسؤولة بمتابعة ما يجري فيها، ومحاسبة المقصرين، والعمل على رفع مستوى الخدمات وبصورة مستمرة.