يذهب فقهاء القانون العام الى ان الغاء القرار الاداري يجب ان تتوفر فيه شروط الالغاء الشكلية والموضوعية اما الشروط الشكلية فهي صدور القرار لتجاوزه جغرافية المكان لصاحب القرار واما الشروط الموضوعية فتنحصر في عدة نقاط اهمها التعسف في استعمال الحق وصدور القرار من غير صاحب الاختصاص ومخالفة القرار للقوانين السارية.
وفي هذا السياق فان الدعوى المقامة امام العدل العليا ضد قرار تعيين امين عمان المعين بقرار من مجلس الوزراء يمكن ان نصنفه انه من القرارات السيادية التي تعطي للسلطة التنفيذية حق التحرك ضمن هذه الدائرة السيادية وعندما لا يوجد قانون ينص على ان انتخاب الامين لم يتضمنه القانون فانه يقع تحت نظرية المراكز الخاصة، ونظرية المراكز الخاصة اشبعت بحثاً من قبل المدرستين الفرنسية والمصرية حيث ان للسلطة التنفيذية وبناء على نظرية المراكز الخاصة الحق في التعيين.
الطعن المقدم للعليا الموقرة يعتبر ترفاً فقهياً لا يحقق للطاعن الحصول على ما تضمنته لائحة الدعوى وذلك لحيثيتين.
الاولى المصلحة المحققة والمحتملة حيث ان اغلبيتنا ترغب بتولي منصب امين عمان الا ان هذه المصلحة المحققة والمحتملة لا يستفيد منها الطاعن في شرعية قرار تعيين امين عمان.
الثانية تتمركز حول الصفة ويذهب فقهاء القانون العام الى ان الصفة في الدعوى غير متوفرة امام العدل العليا حيث ان الوزير المسؤول عن امانة عمان هو شخص رئيس الوزراء ولذا له الحق في التنسيب الى مجلس الوزراء بصفته صاحب الولاية والرقابة على امانة عمان.
اما كون الطعن مبنياً على ان منصب الامين هو من الوظائف العليا فالواقع يخالف ذلك لانه لو نظرنا الى النظام الوظيفي للامانة لوجدنا اكثر من شخص يتقلد وظيفة في الامانة برتبة الدرجة العليا سواء كان بدرجة او بعقد خاص.
لذا يخرج امين عمان من قائمة الوظائف العليا ونظام الخدمة المدنية، ويندرج تعيين الأمين تحت مفهوم صلاحيات مجلس الوزراء من رئيس الوزراء كوزير مختص لامانة عمان منوهين الى ان الخوض في القرارات الادارية بعدما اصبحت عند تشكلها منذ العهد الملكي في فرنسا ما زالت قرارات جدلية.
اما كون الأمين ما زال عينا فهذا ليس عيباً في القرار الاداري لان الامين خارج صفة الدرجات العليا ويخضع لصفة القرارات السيادية للحكومة.
وعودة الى الطعن في دستورية القانون كاملاً وهو قانون البلديات وان يكون امين عمان منتخباً فان النصوص القانونية اغفلت تعيين الامين وجعلته من صلاحيات الحكومة بتنسيب من رئيس الوزراء.
فالاستثناء لا يصيب القرار الاداري وهو يخضع لمنطقة «السيادة والصلاحية للحكومة» مع اننا وضمن توجهات الملك باجراء مزيد من الاصلاحات في نظام الادارة المحلية والسياسية فلا بد ان تبحث الحكومة مع السلطة التشريعية هذا الامر وتعد له قانوناً يسمح بانتخاب عمدة عمان.
ان تعيين امين عمان لم يأت هذه المرة منفرداً وان الاضطراد اصبح قاعدة قانونية ورتب مراكز قانونية مما يجعل الطعن في شرعية القرار ضعيفا لان التعيين لم نجد له نصاً في قانون البلديات ونظام الخدمة المدنية وهما اساسيان في الطعن في مخالفة هذين القانونين وهما «قانون البلديات ونظام الخدمة المدنية».
اننا ننتظر ان يأتي الطعن بعد ان اصبح لدينا تشريع مرتقب وهو القضاء الاداري حيث الامر قد يسهل على الطاعن وتستطيع هيئة مفوضي القضاء الاداري او اصحاب الصفة وهم اصحاب القرار المفوضون بالطعن عليه. لذا ننتظر القول الفصل من لدن العدل العليا بعد ان تدرس النيابة الادارية الموقرة القرار شكلا وموضوعا وتصبح لنا سابقة قضائية حتى للمراكز الخاصة.