قدمت الحكومة إلى مجلس النواب مشروعأً لقانون ضريبة الدخل والمبيعات ، ولا جديد في ذلك ، فقد كان القانون دائماً تحت إعادة النظر بقصد زيادة الحصيلة التي قد تتأتى من تغليظ الضريبة ، والواقع أن قانون ضريبة الدخل أصبح رمزأً لعدم الاستقرار التشريعي وغياب الاطمئنان للمستقبل.
التعديل يستهدف جعل الضريبة على الدخل تصاعدية. والواقع أن القانون الحالي ينص على التصاعد ، فالشريحة الأولى تدفع صفراً والثانية 7% والثالثة 14% ، فإذا لم يكن هذا تصاعدأً فماذا يكون؟.
في الوقت ذاته تقول الحكومة أنها لن تنفر المستثمرين بزيادة الضرائب على الأرباح ، فكيف يكون ذلك ، وهل هناك طريقة سحرية لجعل المستثمرين يدفعون ضرائب أعلى وهم سعداء وراضون ، يقولون: هل من مزيد!.
التصاعد موجود في الضريبة على الأفراد من موظفين ومستخدمين وأصحاب مهن كالأطباء والمهندسين والصيادلة والمحامين وأمثالهم. وربما كان بالإمكان تخفيض الشريحة المعفاة للعائلة من 24 ألف دينار إلى 20 ألفاً ، وزيادة نسب الضريبة على الشريحة الأولى من 7 إلى 8 ، وعلى الشريحة الثانية من 14 إلى 16%. علمأً بأن مثل هذه التعديلات ستقابل بالاعتراض ، ولكن يمكن تمريرها بأقل قدر من الأضرار.
أما التصاعد بالنسبة لأرباح الشركات فشيء لم نسمع به من قبل ، ولا يوجد بلد في العالم يجعل الضريبة على الشركات تصاعدية ، فللضريبة حصة محددة من الأرباح قلت أو كثرت ، علمأً بأن الأرباح الكبيرة تعـود في معظم الحالات إلى استثمارات كبيرة ، ونسبة الربح إلى رأس المال أو إلى عـدد المساهمين أهم من مبلغ الربح المطلق ، وإلا فإن القانون يعاقب الشركات التي تنمو وتكبر وتعزز قاعدتها الرأسمالية بالمزيد من المساهمين ورأس المال أو تندمج مع شركات أخرى لتشكيل شركات كبيرة.
زيادة حصيلة ضريبة الدخل هدف مشروع ولكنه لا يكون برفع النسبة خلافاً للاتجاه العالمي ، بل بتوسيع قاعدة الضريبة والوصول إلى جميع المكلفين والحد من اقتصاد الظل وتخفيض درجة التهرب الضريبي.
أما فيما يتعلق بضريبة المبيعات ، فليس من مصلحـة الحكومة أن تفتح هذا الباب ، فالنسبة الحالية وهي 16% من أعلى النسب في العالم إن لم تكن أعلاها ، وقد استوعبها الاقتصاد الوطني بصعوبة ومن الأفضل ترك الفتنة نائمة.
تبقى ملاحظة أخيرة حول الاستقرار التشريعي ، فلا يجوز أن يكون لدينا قانون جديد لضريبة الدخل كل سنة أو سنتين ، فهذا الوضع يخلق قدراً من حالة عدم التيقن والخوف من المستقبل ، ويسيء إلى مناخ الاستثمار.