خلط السادة نواب الشعب بين النائب وبين الموظف العام، فمرة يريدون أن يكونوا نوابا منتخبين، ومرة أخرى يعتبرون أنفسهم موظفين عموميين في مرفق عام.
ما يقبضه النواب من الخزينة يأتي من وزارة المالية تحت وصف (مخصصات السادة النواب والاعيان) وكلمة مخصصات غير كلمة راتب، فالراتب للموظف، أما المخصصات فهي مكافأة عن خدمة.
ولذلك فحين يريد النواب أحتساب سنوات العمل النيابي كجزء من سنوات الخدمة في الوظيفة لغايات الحصول على الراتب التقاعدي فانهم يعتبرون العمل النيابي وظيفة حكومية، وهذا مخالف للدستور.
الراتب التقاعدي لا يكون إلا لموظف في مرفق عام أو مؤسسة خاضعة لسلطة الحكومة، ومن هنا فان تعريف الموظف العام ضروري للتمييز بين النائب والموظف، وباختصار -كمقال صحفي- فقد أستقر الفقه والقضاء الاداري (على عناصر أساسية للوظيفة العامة ولاعتبار الشخص موظفا عموميا يتعين مراعاة العناصر الآتية
1-أن يساهم فى العمل فى مرفق عام تديره الدولة عن طريق الاستغلال المباشر
2-أن تكون المساهمة فى أدارة المرافق العامة عن طريق التعيين أساسا
3-أن يشغل وظيفة دائمة وأن يكون شغله لهذة الوظيفة بطريقة مستمرة لا عرضية ) وهذه خلاصة من بحث قانوني معمق في الموظف العام - للباحث محمد شوقي السيد -.
وبالاضافة الى أن موقع الموظف العام يكون بالتعيين من سلطة أدارية فانه أيضا يخضع لتوجيهات وتعليمات وأوامر تلك السلطة وخاصة من حيث مهام العمل والنقل والانتداب والاعارة والعقوبات التأديبية والادارية، ولذلك فان النص الدستوري في المادة 76 منع الجمع بين عضوية مجلس الاعيان أو النواب وبين الوظائف العامة، وعرف الوظيفة العامة بأنها ( كل وظيفة يتناول صاحبها مرتبه من الاموال العامة ) ويعني ذلك أن عمل النائب ليس وظيفة عامة وما يتقاضاه ليس راتبا وانما مخصصات أو مكافأة ولو كان غير ذلك لفقد عضويته في المجلس.
من هنا أقول بما أن النائب أو العين ليس موظفا عاما فلا يجوز أن يخضع الى القوانين والانظمة المتعلقة بالموظفين العموميين مثل قانون التقاعد ونظام الخدمة المدنية، فهل يعقل أن يحشر غير الموظف العام في قانون يختص بالموظفين العموميين، مرة يعتبرونه نائبا منتخبا ومرة يعتبرونه موظفا يستحق الراتب التقاعدي عن فترة النيابة !!، واذا كان الاصل وهو الدستور يضع حدا فاصلا بين عضوية مجلس الامة وبين الوظيفة العامة فان الجزء يتبع الاصل، والجزء هنا هو خضوع النواب الى نص في قانون يتعلق بالخدمة المدنية ( الوظيفة العامة )
ما أقره النواب في مشروع قانون التقاعد المدني مخالف لأبسط المبادئ والنصوص الدستورية ومخالف لمبدأ أستقلال السلطة التشريعية ومفهوم دورها والصفة الدستورية والسياسية لأعضاء مجلس الامة، ولا يتسع المجال هنا لشرح مفصل ولكن باب الحوار مفتوح.