على الرغم من قرار منظمة التحرير الفلسطينية استئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي برعاية أميركية، بدءاً من يوم 30 تموز 2013، في واشنطن.
وعلى الرغم من التزام الجانب الفلسطيني باستمرار: 1- المفاوضات دون انقطاع، 2 - الامتناع عن التوجه لعضوية المؤسسات الدولية خلال فترة المفاوضات الممتدة من ستة إلى تسعة أشهر، 3 - احترام الالتزام بالاتفاقات الموقعة مع تل أبيب، بما فيها الالتزامات الأمنية، وعلى الرغم من اتساع حجم المعارضة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات، إلا أن الجانب الإسرائيلي يسير بسياسة عارية مكشوفة، هدفها: 1- عدم الإحراج مع الأميركيين، 2 - عدم إعطاء الأوروبيين مزيداً من المبررات لاتخاذ سياسات داعمة لحقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم وفق قرارات الأمم المتحدة، خاصة بعد قرار وزراء خارجية المجموعة الأوروبية بعدم الاعتراف بشرعية المستوطنات وعدم التعامل معها، 3 - الظهور أمام العالم وكأن لديه رغبة في السلام والتعايش.
ورغم وجود هذه الرغبة الإسرائيلية المعلنة بمواصلة المفاوضات إلا أن إسرائيل تعمل على توظيفها، كشكل من أشكال التغطية على سياساتها الحقيقية وإجراءاتها الفعلية بالتوسع والاستيطان وتهويد القدس وأسرلة الغور ومواصلة حصار قطاع غزة وتمزيق الضفة الفلسطينية بالمستوطنات والشوارع الالتفافية وتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني وجعل أرضه صعبة المعيشة وحياتها قاسية وبالتالي طاردة لأهلها.
سياسة حكومة نتنياهو، كما يصفها صائب عريقات، مسؤول ملف المفاوضات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في تقاريره الداخلية على أنها "حكومة من مستوطنين وبالمستوطنين وللمستوطنين" تقوم سياستها على:
1- بقاء السلطة الفلسطينية دون سلطة.
2- إبقاء الاحتلال الاستعماري التوسعي العنصري الإسرائيلي بلا كلفة.
3- وضع قطاع غزة محاصراً براً وبحراً وجواً، ومعلقاً، دون احتلال مباشر، ودون استكمال خطوات الحرية، ورمي مسؤوليته المعيشية والأمنية على مصر، نظراً للتداخل الأمني والاقتصادي والإنساني، بين غزة وسيناء.
4- تحميل منظمة التحرير مسؤولية تعطيل المفاوضات.
5- منع فلسطين من الاستمرار في سعيها للانضمام للمؤسسات والمواثيق والمعاهدات الدولية، بعد أن أصبحت دولة مراقبا في الأمم المتحدة، منذ 29/11/2012.
وسياسة إسرائيل هذه، المعبرة عن استمرار التوسع والاستيطان والتهويد والأسرلة لغالبية فلسطين ليس فقط عبر مواصلة الاستيطان في المشاريع التوسعية القائمة، بل الإعلان عن مشاريع استيطانية جديدة، تشكل استفزازاً للفلسطينيين في حقوقهم وأرضهم وكرامتهم، وتتنافى مع التوجهات الأميركية والأوروبية، وتتعارض مع قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الاستيطان غير شرعي وباطلاً ويجب وقفه وإزالته، مثلما يُخل بشروط التفاوض المعلن بعدم اتخاذ أي إجراء مسبق من طرف ضد مصالح الطرف الآخر.
القرار الفلسطيني، واضح من السياق، أن منظمة التحرير لن تبادر بوقف المفاوضات حتى لا تتحمل مسؤولية إفشالها وعرقلتها، ليس لأن من فيها يُراهن على تحقيق إنجازات على هذا المسار أمام حكومة نتنياهو الاستيطانية بل بهدف: 1- عدم التصادم مع الأميركيين والأوروبيين، 2 - لمواصلة الحصول على الدعم المالي، 3 - لأن البديل الكفاحي غير متوفر، في ظل الانقلاب والانقسام، وفي ظل الوضع العربي المأزوم والمتفرغ لسورية وليس لفلسطين والقدس، ولمقاومة الإخوان المسلمين والقاعدة وليس للتصدي للعدو القومي: المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، 4- لاستكمال الإفراج عن الدفعات الثلاث المتبقية من أسرى ما قبل أوسلو، 78 أسيراً، ولذلك ستبقى جلسات التفاوض قائمة حتى نهاية توقيتها بالشهور التسعة المتفق عليها.
h.faraneh@yahoo.com