بعد أكثر من اسبوع على انتهاء الانتخابات البلدية التي شهدت نسبة تصويت قليلة في العاصمة عمان لا زالت عمان بلا امين ، ولا تزال القضية نهبا لسلسلة طويلة من الإشاعات التي من شأنها رسم صورة سلبية عن الأمين الجديد حتى قبل الإعلان عنه.
منذ سنوات نتناقش بشكل مستمر حول ضرورة التحول إلى إصلاح ديمقراطي يتمثل في منح سكان العاصمة حقهم الطبيعي في انتخاب أمين العاصمة بدلا من استمرار الوصاية الحكومية في اختيار الأمين. قيام الحكومة باختيار الأمين يجعل تلك العملية خاضعة لتوازنات سياسية وعلاقات شخصية قد لا تؤدي بالضرورة إلى اختيار الشخص الملائم لإدارة العاصمة، بكل ما يتضمن ذلك من مسؤوليات مالية وإدارية وقرارات على المستوى الاستراتيجي لخدمة أو إيذاء أكثر من 2 مليون شخص!
في المقابل انتخاب أمين العاصمة قد يعتمد بشكل كبير على معادلة الموارد المالية للمرشح وعلاقاته العشائرية وبالتالي أيضا ليس بالضرورة أن يتم انتخاب الشخص الأمثل، ولكن في النهاية فإن الأمين يصبح مسؤولا أمام المواطنين الذين يتحكمون بانتخابه وضرورة وفائه بوعوده التي يقطعها في الانتخابات.
إدارة عمان في الوقت الحالي والمستقبل أمر في غاية الصعوبة نتيجة النمو الكبير للمدينة وسكانها ومحدودية الموارد المالية والطبيعية وزيادة المديونية والعجز وما تحتاجه المدينة بشكل حقيقي هو شخص يمكن أن نصفه باللغة العامية بأنه "مدعوك” بالتحديات الهندسية والفنية والإدارية للمدينة ويحمل مزايا شخصية تجعله قادرا على التعامل المباشر مع كافة السكان والفئات المختلفة.
إدارة مدينة من المكاتب الفارهة محاطا بكوكبة من المستشارين المختصين البعيدين عن الواقع الحقيقي ليس الطريقة المثلى في مدينة مثل عمان. منصب أمين عمان أو بشكل عام "عمدة عاصمة” أمر صعب جدا وأحيانا يساهم في خلق قادة سياسيين مثل أردوجان واحمدي نجاد اللذان حققا نجاحا كبيرا في إدارة إسطنبول وطهران.
أمين عمّان المقبل يحمل مسؤولية كبرى ويجب أن يكون لديه رؤية شاملة للمدينة بأبعادها الإدارية والهندسية والبيئية والاقتصادية والسياحية وإذا كانت الحكومة لا تزال محتفظة بهذا "الحق” غير المبرر في اختيار الأمين ما نتمناه هو أن يتم الاختيار بناء على معايير إدارية حقيقية تتمكن من إيصال الشخص الملائم لهذا المنصب بحيث يقوم بخدمة المدينة وسكانها، وليس أن يحدث العكس كما في الغالبية العظمى من الأمناء السابقين!