يفتحالقرار بتعديلقانون محكمةأمن الدولة،بابا جديداللإصلاح، ونمضيإلى الأمامبشكل مدروس،خصوصا أن قرار تعديلهذا القانونيترجم التعديلاتالدستورية المهمةالتي أُقرتقبل أقل من عامين.فالمسألة الأهمالتي تُستنبطمن القرار،هي أن عملية الإصلاحمستمرة ولا تتوقف؛ وأن السير تدريجيانحو دولةديمقراطية مدنيةماض؛ ورغباتالملك بالاستجابةلمطالب الإصلاحلم تتأثربكل القوىالتي تحاولإعاقة الإصلاحبحجة العنفالإقليمي، وما يحدث في دول الجوار.تعديل قانونمحكمة أمن الدولة يؤشرإلى أن مطبخ القرارمستمر في الإصلاح خلالالفترة المقبلة. كما ويعكسالقرار وجودإدراك بأن المجتمع يتطلعإلى مزيدمن التغيير.الفكرة ليستجديدة، وكانتمطلباً لكثيرمن القوىالسياسية ومؤسساتالمجتمع المدنيالتي ترى في مثولالمدنيين أمامالقضاء العسكريوجها عرفيا،لم يعد مستساغا في ظل توفرقضاء مدنيمستقل.أهمية التعديل أنه سيضيف مدماكاجديدا إلى صرح الدولةالمدنية الديمقراطية؛كونه يمنعمحاكمة المدنيين،تبعا لمزاجالمسؤول، أمامالقضاء العسكري.بموجب التعديلاتالدستورية، يقتصردور "أمن الدولة" على محاكمة المتهمينبجرائم الخيانة،والتجسس، والإرهاب،وجرائم المخدراتوتزييف العملة،وهذه جميعهاتمس الأمنالوطني سياسياواقتصاديا.حاليا، فإن أبرزالقضايا التيتنظر فيهامحكمة أمن الدولة تقع خارج اختصاصهابحسب التعديلالدستوري؛ إذ تشمل إطالةاللسان، وقدحمقامات عليا،وتهديد نظامالحكم، إضافةإلى بعض القضايا الماليةالتي من صلاحيات رئيسالوزراء تحويلهاإلى "أمن الدولة".كذلك،تبدو أهميةهذا التعديلفي أنه يكرس حالةمدنية، تتم بموجبها محاكمةالمدنيين أمامالقضاء النظاميالمستقل، ما يعطي مصداقيةأكبر للأحكامالقضائية، خصوصاأن المعاييرالدولية تقللمن شأن المحاكم الخاصة،ولا تعترفبقراراتها أحيانا.ثمة أدلةقوية تثبتوجاهة هذا الرأي، ومنهاقضية أحمدالجلبي الذيأدانته، قبل عقود، محكمةأمن الدولةباختلاس بنك البتراء، وحكمتعليه بالسجن. لكن كل مؤسسات الدولةلم تتمكنمن تنفيذالحكم إلى الآن، لعدمالاعتراف بهذاالنوع من المحاكم في الخارج.التعديل خطوة مهمة،وتحتاج وقتاللتنفيذ؛ فجدولالدورة البرلمانيةالاستثنائية محدد،وقانون محكمةأمن الدولةغير مدرجعليه، ما يعني أن النظر في القانون وتعديله،يمكن أن يتم خلالالدورة العاديةالمقبلة.الحراكيون والمطالبون بالإصلاح،وهم أكثرمن عانىمن محكمةأمن الدولةخلال الفترةالماضية، سيجدونفي القرارالأخير خطوةإيجابية، في حال حُولتجميع ملفاتهموقضاياهم بعد إجراء التعديلالمطلوب إلى القضاء المدني؛فالفائدة الديمقراطيةالمرجوة من التعديل هي وقف محاكمةالمدنيين أماممحكمة عسكرية.وحسن النوايايقتضي أيضاالقيام بالإفراجعن شبابالحراك المعتقلينمنذ أشهر،وتحويل قضاياهمإلى المحاكمالنظامية، بعد أن جاءتالمبادرة الملكيةبالإيعاز للحكومةبتعديل القانونتكريسا لمسيرةالإصلاح التدريجيالتي أعلنهاالملك أكثرمن مرة.قد لا يعجب البعضقرار تعديلالقانون، وربمايقلل آخرونمن شأنه؛بيد أن التطبيق العمليللخطوة، وتسريعإقرارها، سيعكسمدى أهميتها،بعد أن ينحصر دور المحكمة العسكريةبالجرائم الخمسالمنصوص عليهادستوريا.الإصلاح مسألة لا تنتهي، والقوىالسياسية ما تزال تطمحإلى الكثير. والاستجابة لذلكعلى قاعدةمن التوافقالوطني ممكنةأيضا، من خلال إطلاقمبادرات مشابهةتصب في ذات الهدفمستقبلا، للتأكيدمجددا أن الأردن حالةمختلفة.
حاكمني مدني"
أخبار البلد -