خطوة مهمة ، تلك التي أعلنتها حركة حماس على لسان إسماعيل هنية ، بدعوتها الفصائل والشخصيات لمشاركتها في إدارة قطاع غزة ، وهي متأخرة ، ولكنها تأتي خير من أن لا تأتي ، ولأنها خطوة نوعية تستحق التقدير والإهتمام ، على الطريق الطويل من أجل التراجع عن الإنقلاب ، وإنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة .
تستحق التقدير ، لأنها تعكس فهم قيادة حركة حماس أن هنالك تطورات سياسية ، يجب التكيف معها ، وإستحقاقات يجب تلبيتها بعد السياسات الخاطئة التي إرتكبتها في تعاملها مع الأحداث السورية وإنحيازها إلى المعارضة المسلحة ، وتدخلها بالشأن الداخلي المصري وتوظيف محطاتها التلفزيونية وإعلامها ضد ثورة 30 يونيو ، وإنحيازها الفاقع لسياسات الإخوان المسلمين وخياراتهم ، فالفلسطيني سبق وأن دفع أثماناً باهظة في الكويت والعراق وليبيا ، ولا يجوز أن يكرر خطاياه بسبب إنحيازاته الحزبية لهذا الخيار على حساب ذاك ، فهو بحاجة للعرب ، كل العرب ، كحاجته للمسلمين والمسيحيين ، والمؤمنين بالعدالة ودعاة حقوق الأنسان ، وقضيته عادلة ، يجب أن لا تقع بين أيادي المتصارعين لأسباب حزبية وفئوية .
حركة حماس بدعوتها هذه ، تعني أن سياستها في الأستئثار والهيمنة والتسلط الفئوي الحزبي الأخواني ، غير مجدية بعد أكثر من سبع سنوات من عمر الأنقلاب ، فقد فشلت في جعل قطاع غزة عنواناً للتنمية وحسن الخدمات وتوفير متطلبات العيش الكريم ، وإشاعة قيم التعددية والديمقراطية والأحتكام إلى صناديق الأقتراع وممارستها ، مثلما فشلت في جعل قطاع غزة عنواناً للمقاومة ، وإستنزاف العدو ، وبدلاً من ذلك توصلت إلى إتفاق الهدنة مع الإسرائيليين برعاية الرئيس محمد مرسي يوم 21/11/2012 ، ولذلك لا هي نجحت في تقديم قطاع غزة على أنه محرراً من الإحتلال ، ولا هي نجحت في تقديم قطاع غزة محتلاً وقامت بعمليات مقاومة ، لإستكمال خطوات طرد الإحتلال .
هذا الفشل الإخواني الحمساوي هو الذي دفع إسماعيل هنية ، متأخراً كي يطالب الفصائل والشخصيات للمشاركة في إدارة القطاع ، وهي دعوة ومشاركة لم تجد الإستجابة من قبل الفصائل والشخصيات الفلسطينية لأن طريق المصالحة ، يجب أن تبدأ بخطوة الأتفاق كما جرى في القاهرة والدوحة ، إعلان حكومة موحدة لغزة ورام الله ، والإتفاق على إجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية لتجديد ولاية الرئيس التي إنتهت ، وولاية المجلس التشريعي التي إنتهت أيضاً .
خطوة حماس التراجعية ، خطوة صغيرة ومتواضعة ، ولذلك فهي غير كافية كي تدفع الفصائل والشخصيات للتجاوب معها والإنخراط في أليتها ، ولذلك وصفتها أغلبية قيادات الفصائل الفلسطينية على أنها هروب من قبل حماس ، من المأزق الذي أوقعت نفسها فيه ، ولذلك لن تقدم لحركة حماس شبكة إنقاذ ، ولن توفر لها مظلة حماية ، فالمطلوب من حركة حماس أن تعي الخطيئة المزدوجة التي وقعت فيها ، وأولها الإنقلاب والتفرد والهيمنة الحزبية الأخوانية ، وثانيها تدخلها الحزبي الفئوي وتأثير ذلك على كيفية تعاملها مع الأحداث الجارية في سوريا ومن بعدها في مصر ، والمطلوب منها التراجع عن الخطوتين .
h.faraneh@yahoo.com