عبد الرؤوف الروابدة: "شيشرون" الاردن.... والطود الذي لا تزول مناكبه

عبد الرؤوف الروابدة: شيشرون الاردن.... والطود الذي لا تزول مناكبه
أخبار البلد -  

خالد ابو الخير 

اعترف مسبقاً ان الكتابة عن الروابدة مقلقة، ومن الصعوبة بمكان رسم صورة عن الرجل الذي يحسب جل السياسيين حسابه اذا قال أو أومأ او مشى.
في الوسط السياسي كثيرون يريدون قربه، أو يتحسبون من قربه، فالرجل صريح العبارة، قوي الحجة ونكتته حاضرة كانها السيف القاطع أو القول الفصل، رغم انه يؤكد انه لا ينكت، لكنه يسوق الحقائق كما هي فتبدو كالطرائف.
مرات حين يطل من شرفة بيته العامر في اطراف ابو نصير، الذي سكنه بعيد ان غادر بيته القديم فوق "الشعب" و وتحت "الدستور"، يعن له ان يبتسم، فهو يدرك حقيقة انه بات مرجعية مهمة في البلد ، تتجاوز مناصبه التي شغلها والقابه كلها على مدى خمسين عاما من العمل العام. 

لم تنل السنون من بديهيته وحضوره الفاعل ونشاطه الثر، فما زال كثير الحركة ، موجودا في كل نشاط تقريباً، رسميا او شعبياً، يحادث الناس ويسعى الى نقل شيء من خبرته اليهم والكثير من حكمته وقراءته للامور. والمثير، وهي نقطة تحسب له، انه لا يتكبر عن اي دعوة لحوار، ومعني بايصال وجهة نظره الى الناس وسماعهم.
رئيس الوزراء الأسبق، اللقب الذي التصق بعبد الرؤوف الروابدة، منذ خروجه من المنصب الأخير في الحكومة، يبدو ضيقاً.. على الرجل الذي ما فتئ يعد في عرف كثيرين أكبر من المنصب.
ولد عبد الرؤوف نهار الروابدة في قرية الصريح من اعمال اربد عام 1939 ، التي ما يزال يشد الرحال اليها كلما عنّ له حنين. 

درس الصيدلة في جامعة بيروت الاميركية وتخرج عام 1962.
في شبابه انتمى الى حركة الاخوان المسلمين مدفوعا بشغفه في الدين والتاريخ، لكنه لم يكمل المشوار.
قفزته السياسية الاولى كانت عندما اختير عضوا في المجلس الوطني الاستشاري الأول والثاني والثالث نيسان1978 - شباط 1983
وظائف عديدة تقلدها الى ان برز امينا للعاصمة 1983-.1986، ثم امينا لعمان الكبرى امين عمان الكبرى 1987-1989، وما تزال بعض الحدائق التي انشأها تروي قصة رجل ما زال دوره في تلك الاونة مثار خلاف، مثلما الحال بالنسبة لحقائبه الوزارية التي كان اولها وزارة المواصلات واخرها التربية والتعليم.
منذ لاحت نسائم الديمقراطية عام 1989 ترشح للانتخابات بمواجهة شيخ جليل هو احمد الكوفحي، وفاز بها بجدارة، ومنذ ذلك الحين غدا رقما صعبا في مجلس النواب ونائباً مخضرماً تكرر فوزه ونجاحاته. 

ظهوره القوي والحاسم الى جانب المعارض ليث شبيلات في برنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة منتصف التسعينيات، اعاد انتاجه كشخصية وطنية وصلبة وذات حجة ، ولفتت اليه الانظار.
وايام الحكومات التي تضم نواباً انفتحت شهية النواب على الاستيزار، أما هو فكما قال ردا على سؤال صحفي: من كان مثلي تجاوز الاستيزار. وقد اصاب.
اختياره أول رئيس للوزراء في عهد الملك عبد الله الثاني عام 1999، بعد رحيل المغفور له الملك الحسين، عد موفقاً. لكن النزاع الذي تفجر مع وجود الشخصية القوية والمختلفة عنه، عبد الكريم الكباريتي في رئاسة الديوان الملكي، ادى استقالة الكباريتي اولاً وتبعها باشهر قليلة رحيل حكومته.
يقر الروابدة بوجود تدخلات من جهات في ممارسة رئيس الوزراء سلطته، لكنه ينبه إلى أن هذه التدخلات تقوى أو تخفت، بحسب شخصية رئيس الوزراء: "إما يرفض الرئيس هذا التدخل، ويكون قد حاله بأن يقدم استقالته، أو يغض الطرف عنها، لتطويل مدته". 

ويضيف: "رئيس الوزراء الذي يفهم دوره وصلاحياته، لا سلطة عليه إلا سلطته هو"، و"أنا لست من الرجال الذين يقولون: لقد جاءتني أوامر من فوق".
ويصر ابو عصام على كونه المسؤول الأول عن قرار ترحيل قادة حماس، ولم يتلق أوامر من الملك بهذا الصدد، رغم أنه اثنى لاحقاً على الحركة: "حماس حركة شريفة وحركة مقاومة على أرض فلسطين ونرفع لها العقال احتراماً وتقديراً".
يقرر الرئيس الذي عرفت عنه محافظته، رغم انه يرفض ان يصنف كحرس قديم، بالحاجة إلى "الديجتاليين" لكنهم -بحسبه- لا يصلحون كساسة وصناع قرار. 

يلخص ما حدث: "تراجع دور السياسيين فتقدم الاقتصاديون الصفوف، وعرضوا تحويل الدولة إلى شركةٍ، الجدوى منها هو تحقيق الربح، في حين أن الجدوى من الدولة تحقيق كرامة الإنسان".
الرؤية الأولى قادت إلى الانهيار الذي حدث، وأدت إلى تفكيك الدولة وبيع مؤسساتها، وضعف البرلمانات، وتحول الحكومات إلى متلقية للتعليمات، واستشراء الفساد، وقد عارض تلك الرؤية مطولا لدرجة أن وصم باصطلاح "الحرس القديم" الذي يرفضه.. أما الثانية، التي يقول إنه حاول تطبيقها في عهده، فقد وُوْجِهَتْ بمعارضة شديدة، بحسبه.
التهافت هذا أدى إلى عجز المسؤول عن اتخاذ قرار، ما يدفعه لاطلاق صرخته المدوية التي لا يمل تكرارها: "أَكَلْنا رجالَنا، ولم يبق على الساحة من يقول لا". 

وحتى قبل ان ينظم الاعتصام الشهير امام بيته، سبق للروابدة القول: لا مانع لدي لإحضار رؤساء الوزارات وإجلاسهم على كراسي اعتراف، بل يضيف: "أنا مع سن قانون (من أين لك هذا؟) خاص برؤساء الوزارات".
وحين يباغت بسؤال: "متى يأتي رئيس وزراء يستطيع أن يعبي مقعده؟.." يجيب بسرعة بديهيته المعهودة: "زغروا الكرسي"..! فتصير، ربما رغما عنه أو بإرادته، نكتة.
موقفه من الثورات العربية يحدده بأنها لم تأت تطبيقا للفوضى الأمريكية الخلاقة، لكنها ثورة شعب حشر كثيرا في طنجرة "البريستو".. فانفجر.
وحين باغته الكاتب ناهض حتر بسؤال في جلسة خاصة حول ان كان ديناصوراً، أجاب عن السؤال بظرفه المعهود: نعم أنا ديناصور بمعنى الكبير والضخم، ولست كذلك بمعنى الرجعي والمنقرض، متطرقاً الى أن المفاهيم تختلف من لغة الى أخرى وترجمتها حرفياً تُحرف المعنى. لكن رئيس الوزراء الذي ما يزال حاضر الذهن، ألمعيا، ظريفاً ويملك القدرة على التنويع في الكلمات والمعاني، أقر أنه وجيله باتوا ينتمون الى الماضي والبركة في الشباب. 

ويقر الروابدة بوجود مرض في المجتمع اسمه الإقليمية، ويعتقد ان محاربته والتصدي له يكون بتحرك القوى الفاعلة في المجتمع، لوضع النقاط على الحروف، مؤكدا عدم رضاه عن قانون الانتخاب، داعيا الى الحوار بشأنه.
وفوق هذا وذلك نلحظ ان شهرة وذكاء الرجل تعدى الاردن فقد عمل على حل قضايا كبيرة خارج الحدود، من قبيل وساطته في قضية مقتل ابنة الشيخ اليمني عبد الله الاحمر.
وعلى الرغم من العديد من النواب والسياسيين خاصموه، الا ان ابا عصام يبقى.. طوداً لا تزول مناكبه.
ما يثير في الرجل الذي يلقب احيانا بشيشرون، نسبة الى حكيم وخطيب روما المفوه والسياسي الداهية، أنه فاقه في الشهرة والذكاء والصيت، وإن كان يعلي من شأن رأيه القائل: البلاغة هي الضوء الذي يجعل الذكاء يشع.
وكثيرا ما تنقل عنه اقوال يتبين فيما بعد عدم صحتها، كما ان اخباره تحظى بمتابعة القراء والمتابعين.
لا يسعني في الختام الا القول: التقيت الروابدة عدة مرات، وعلى فترات متباعدة، وفي كل مرة، كنت ارى الرجل متجدداً، واسع الاطلاع، صريحاً وذكياً ولماحا ومستشرفاً، سواء اتفقت مع ارائه كلها او بعضها او لم اتفق. وما خططته هنا.. مجرد سطر بسيط في حياة هذا السياسي المثير للجدل والاعجاب في آن.
شريط الأخبار الضمان الاجتماعي: الدراسة الاكتوارية تؤكد متانة الوضع المالي واستقراره الأمن العام: ندعو كل من يمتلك مدفأة من المتعارف عليها باسم الشموسة وبكافة أنواعها بإيقاف استخدامها بمشاركة مدراء مستشفيات وخبراء ..جامعة العلوم التطبيقية بالتعاون مع مستشفى ابن الهيثم يقيمان ندوة هامة عن السياحة العلاجية 4 ملاحظات خطيرة تتعلق بديوان المحاسبة امام دولة الرئيس علي السنيد يكتب: كبار الشخصيات العامة يفشلون المبادرات الرسمية مصدر في الاتحاد الاردني لكرة القدم.. استدعاء المحترفين ولكنه غير ملزم لانديتهم مصادر: أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن الملكة: أمنياتنا لكم بعام جديد يحمل السلام وتمتد فيه أغصان الأمل بين الأجيال الأردنية الفرنسية للتأمين تعقد إجتماعها العمومي العادي وتصادق على بياناتها 1.237 مليار دينار صادرات تجارة عمان خلال 11 شهرا تقرير نقابة ملاحة الأردن الحادي عشر.. نمو واضح ومؤشرات إيجابية عززت مكانة ميناء العقبة المتحدة للإستثمارات المالية تنشر التحليل والأرقام والقراءة في حجم التداول الأسبوعي لبورصة عمان مدرسة أردنية تنعى ثلاث شقيقات قضين في حادث مأساوي وفاة طالب متفوق تشغل المصريين.. تركه والده بالمدرسة في حالة إعياء الأرصاد تنشر تفاصيل الحالة الجوية من السبت إلى الثلاثاء وفيات الأردن اليوم السبت 13/12/2025 أول تشخيص لإصابة يزن النعيمات النشامى يتفوقون ويهزمون العراق .. إلى نصف نهائي كأس العرب الكرك والسلط الأعلى هطولًا .. المنخفض الجوي يرفع الأداء المطري انخفاض قيمة الشيكات المرتجعة 17% حتى نهاية تشرين الثاني