حقق الاقتصاد الوطني نموا حقيقيا في الربع الاول نسبته 2.6 بالمائة ، وهي نسب نمو متواضعة مقارنة عن معدلاته التي كانت تتحقق في السابق والتي كانت بحدود ال6 بالمائة قبل عام 2008 .
الحكومة تتوقع ان يحقق اقتصادها الوطني نموا مع نهاية هذا العام بنسبة 3.5 بالمائة ، والصندوق يتوقع ان يكون النمو لسنة 2013 بحدود ال3 بالمائة او اكثر بقليل.
المعدلات السابقة ضعيفة ولا يمكن لها ان تدفع الاقتصاد بان يكون قادرا على توليد فرص اقتصادية جديدة تستوعب الاف الخريجين من الجامعات والكليات والذين يتجاوز عددهم الاجمالي ال88 الف خريج في كل عام .
لكن وفق المنظور الاقليمي فان النمو المتحقق افضل بكثير مما هو عليه في الجوار ، فالمنطقة مليئة بالصراع واعمال العنف التي لا تناسب العملية الاقتصادية وتجعلها بيئة طاردة للاستثمار ورجال الاعمال .
لكن الملاحظ في هيكل النمو الاقتصادي للمملكة انه ورغم تواضعه الا انه يواجه تحديات كبيرة في استمرار ديمومته في الفترات المقبلة.
فارباح قطاع التعدين في النصف الاول تراجعت باكثر من 55 بالمائة ، والكل يعرف جيدا اهمية هذا القطاع في تحقيق النمو ورفد الخزينة بالعملات الصعبة وزيادة الصادرات الوطنية ، وجميع المؤشرات تدلل على ان هناك تحديات كبيرة تعصف بشركات التعدين التي تعتبر « نفط الاردن الحقيقي» ، بسبب المنافسات الشرسة التي اصابت القطاع من دول رئيسية مثل روسيا ، اضافة الى ارتفاع كلف الانتاج في المملكة متاثرة تحديدا بزيادة اسعار الطاقة عليها، مما يوضح ان مؤشر الربحية لهذه الشركات يسير باتجاه سلبي.
الامر ليس ايضا مختلف عما هو عليه في قطاع الاتصالات ، احد ابرز مكونات هيكل النمو الاقتصاد الوطني والذي يعتبر « القطاع الذي يدر ذهبا على الخزينة « ، فمجموعة الاتصالات الاردنية « اورانج» على سبيل المثال اظهرت بيانتها المالية ان ارباحها انخفضت في الربع الاول من هذا العام بنسبة تجاوزت ال20 بالمائة ، وهذا قبل سريان قرار الحكومة بفرض ضريبة جديدة على الهواتف المحمولة .
ولا يعني نمو ارباح البنوك بنسبة 10 بالمائة ان امور القطاع افضل من القطاعات الاخرى ، فنمو الارباح عائد في ارتفاع اسعار الفائدة ومواصلة اقراض الحكومة بكلف عالية ، ناهيك عن التسويات الكبيرة التي انتجتها البنوك مع الشركات المتعثرة واغلقت العديد من ملفاتها .
لكن يبقى السؤال المطروح هو انه ، بما ان القطاعات الرئيسية في تراجع فكيف تحقق النمو الاقتصادي في الفترة السابقة؟.
الجواب هو ان الاردن ولاول مرة يتلقى حجم من المساعدات يفوق ما تم تقديره لعام كامل ، فالبيانات الرسمية تكشف من ان المملكة تمكنت من توقيع اتفاقيات مساعدات خارجية حتى شهر تموز الماضي بقيمة 1.9 مليار دولار (1.5 مليار دينار ) ، وهو اعلى مما تم تقديره في موازنة 2013 بقيمة 840 مليون دينار (1.5 مليار دولار) ، ليتضح لنا ان اسباب محركات النمو هي بالدرجة الاولى خارجية ، لذلك من واجب الحكومة الانتباه لهذه المسالة الحيوية ، فالمساعدات متباينة من فترة لاخرى ولا يمكن مواصلة الاعتماد عليها لتحقيق النمو المستدام.
Salamah.darawi@gmail.com