أتفهم عندما تدافع صحيفة أردنية عن أخطاء الحمقى ومغامرات الصبية التي تقترفها الحكومات الأردنية في كل حين التي تُكلّف المواطن الأردني والوطن خسائر اقتصادية عُظمى وتضع الأردن عالقاً في عجلة التأخر إلى سنوات، فلكل حكومة تترأس مصالح الشعب الأردنيّ عتادها من صحفها وكُتّابها العاملين في وظيفة سحّيج بالطبلة والمزمار وكله بحسابه لم يعُد الأمر سراً، لكن أن تقف هذه الصحف الأردنية في خندق الخزي والعار العسكري في مصر تتاجر في دماء المصريين، ولا يتورع كُتّابها بأيّ ستر خُلقي أو شرعي أو حتى على أقل مستوى إنساني عن المشاركة في مجازر عنف الداخلية المصرية الدموية، فهو لأمر تجاوز الحدّ العقلي لتقبّله أو حتى فهمه خارج أيقونة عُبّاد الجزمة العسكرية، صحف تتبنى عناوين تتشابه مع عناوين الصحف الصهيونية إلاّ في تغيير الصيغة مع الاتفاق في المسمّى، يرقصون ويهللون في عرس الطاغوتية كقرود السيرك المبتهجة بتصفيق الجمهور لها لكن سرعان ما تتملّكهم الكآبة عندما يُساقون إلى الأقفاص بعد انتهاء العرض بالموز والفول السوداني.
هذا الموقف يعكس تدنّي مستوى الصوت الحرّ في مضمار الصحافة الأردنيّة ويرصد مستوى سطوة الجهاز السلطوي على الأقلام الأردنية، هؤلاء الكُتّاب الذين صدّعوا رؤوسنا بالحديث عن الليبرالية والحريات والعالم الأول وحقوق الإنسان وتحرر المرأة خلعوا زيّهم التنكري وارتدوا الجزمة العسكرية، لكن للأسف ليس في أقدامهم حيث يجب أن تكون وليس على أرض المعركة مع أعداء الوطن، بل ارتدوها في أذهانهم وعلى أرض مساجد الله التي أُحرقت، وعلى بلاط مستشفى النهضة ورابعة الميداني اللذان لم تعد تجد فيهما جريح إمّا جثث مُحترقة أو جثث بالقنص مُختَرقة وكلهم قتيل، فقد استوردت هذه الصحف الأردنية حبرها من المعامل الصهيونية في هدف نهائي مُعلن وهو اغتيال المشروع الإسلامي في ذهن العامّة، وتصوير الانقلابيين على أنّهم أصحاب مشروع بنائي حضاري في مصر، ويرددون بأنّهم ينتقدون الإخوان لا المشروع الإسلامي ولا اعتراض عندهم على مشروع إسلامي لكن في بُنية سياسية مختلفة عن ما يطرحه الإخوان، وهي طريقة مُبتذلة يحاولون بقوة من خلالها عدم الكشف عن نبضهم الخفّاق ضد أسلمة النظام السياسي لا أخونته، وآخرون يتنكرون في رداء الناصح الأمين ينتقدون تجربة الإخوان في هذا الوقت بالتّحديد ويقيّمونها، متغافلين أنّ الأمر تجاوز كل الحدود الفكرية واستقر في فوهة قنّاص ودم شهيد، وآخرون اكتووا من معاملات فرديّة أو حتى صراعات تنظيمية مع الإخوان وجدوا في المحنة المصرية الحالية منفذاً للاقتصاص من ثارات قديمة، هذه الأنواع من الكتابات الصحفية تخلّت طوعاً عن إنسانيتها واختارت أن تعشق الجزمة العسكرية في حب حرام بدأ بمجزرة تاريخية، فكم هو غريب أن تجد في المجتمع الأردنيّ فلول لنظام الديكتاتور حسني مبارك الساقط بإرادة الشعب الحرّ، لكن بأسماء وجنسيات وأصوات أردنية.