لا تقل اهمية المتغيرات السياسية في العلاقات الإقليمية والدولية الجارية في المنطقة عن تلك التي على الارض المصرية منذ عزل محمد مرسي.
هناك خلط واضح في الأوراق والمواقف على صعيد العلاقات العربية الامريكية وخاصة العلاقات السعودية الأميركية والمصرية الامريكية كما ان هناك متغيرات مماثلة في العلاقات الأوروبية المصرية.
وبعد اقل من يوم على تصريحات اوباما المتشددة ضد النظام الجديد في القاهرة عندما اعلن عن وقف المناورات العسكرية المشتركة مع مصر احتجاجا على سقوط مئات القتلى في الشوارع أعلنت العربية السعودية وعلى لسان خادم الحرمين عن تجديد دعمها للإجراءات التي يتخذها النظام الجديد ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد عندما حذر الملك عبد الله بن عبد العزيز من ان المواقف الخارجية ضد القاهرة من شأنها ان تشجع على الإرهاب والضلال فيما يبدو وكأنه إشارة عدم رضى على تصريحات اوباما ومواقفه.
لقد سارعت الرئاسة المصرية والحكومة الى الإشادة بتصريحات العاهل السعودي التي تعتبر دعما قويا هي بأمس الحاجة اليه وسط الإعلانات والبيانات المتكررة من أمريكا وأوروبا بوقف المساعدات المالية وإعادة النظر بالعلاقات مع النظام الجديد، فالسعودية التي قدمت المليارات عونا للقاهرة غداة رحيل حكم الاخوان المسلمين تمثل في هذه المرحلة حليفا يعتمد عليه عند قادة النظام الجديد في القاهرة امام انهيار علاقاتهم السياسية والاقتصادية مع الحلفاء الآخرين في واشنطن ولندن وباريس وبرلين.
لا شك بان للسعودية دور كبير في هذه المتغيرات الفارقة في العلاقات الدولية داخل المنطقة وخارجها واذا اردنا ان نتابع المستجدات في هذا الدور ودوافعه نجدها فيما يلي:
1- سعي سعودي الى ملء الفراغ الكبير الذي أحدثته السياسة الامريكية في عهد اوباما والتى سمحت بترددها وتخليها عن مسؤولياتها في المنطقة الى زيادة وإطالة حالة الفوضى القائمة بسبب عدم التدخل السياسي القوي في مجلس الامن لفرض التغيير على الموقف الروسي او لسبب التقاعس في مواجهة التدخل الايراني وحزب الله في سوريا.
٢- كان واضحا استياء الرياض من السياسة التي اتبعتها الرئاسة الإخوانية في القاهرة تجاه ايران عندما فتحت أبوابا لطهران كانت مغلقة للعب دور اكبر بالمنطقة أما بإشراك ايران في مؤتمرات حول سوريا او باستقبال الرئيس الايراني السابق في القاهرة وهو ما قد ترى الرياض انه تعزيز للتدخل الايراني في سوريا وهو ما يعتبر اضافة للتهديد الايراني الدائم لأمن الخليج.
٣- لقد صدرت دعوات في صحف محسوبة على الرياض في الخارج تطالب بدور اكبر للمملكة يتناسب مع حجمها وما يمليه عليها من مكانة وإمكانات قيادية بالمنطقة لمواجهة هذا الفراغ الذي يسعى الإيرانيون الى إشغاله بكل قوتهم، وربما كانت هذه الدعوات تمهيدا للتحولات التي تحدث الآن على مسار العلاقات السعودية في المجالين العربي والإقليمي، تحولات تظهر ان الرياض قد دخلت بالفعل في مواجهة قوية ضد النفوذ الايراني ومواقعه بالمنطقة. وشواهد هذه التحولات هي عملية تسليح المعارضة السورية بعد تدخل حزب الله والإيرانيين والضغوط التي تمارسها الرياض على الأوروبيين لتسليح المعارضة.
غير ان الأبرز في كل هذه التحولات والمتغيرات على المشهد السياسي الإقليمي والدولي ان واشنطن بدأت تخسر حتى اقرب حلفاءها بسبب سياسات اوباما التي يجمع المراقبون على انها متهاونة ومترددة وانها تدير الظهر لمسألة السلام والاستقرار في المنطقة تاركة مصيرها بيد الروس والإيرانيين.