يقبل الاسلاميون بتحالف مشبوه وقصير الامد مع واشنطن التي بادرت بالفعل الى هذا التحالف بسكوتها على سقوط عدد من الانظمة العربية الحليفة لها في مصر وتونس واليمن وتسليم شؤون هذه البلدان للحركات الاسلامية الشغوفة بالسلطة ,ولا تمانع واشنطن من التضحية بانظمة اخرى صديقة جدا في سبيل انجاح تحالفها مع الاسلاميين المستعدين لتنفيذ المخطط الاميركي وقبول تشغيلهم بيادق حرب في الصراع المتوقع مع روسيا على مناطق النفوذ خلال السنوات القادمة ,وقد سبق لواشنطن ان استخدمت الاسلاميين في ثمانينات القرن الماضي حين تحالفت مع منظمات ارهابية ترفع شعار الاسلام في مواجهة الاتحاد السوفيتي في افغانستان في حرب استمرت لعشر سنوات حصدت ارواح الملايين منذ ذلك الحين والى اليوم .
الحرب التي تستعد لها واشنطن اليوم ليست باردة وشرسة وحسب ولكنها شاملة ايضا وستدور رحاها في العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط اما الجماعات الاسلامية وعلى رأسها تنظيم الاخوان فترحب بفكرة تنفيذ المشروع الاميركي مقابل السلطة على قاعدة (جربونا ),وهي تدرك ان ليس بوسع الولايات المتحدة خوض اي حرب جديدة في مناطق الغير بدون تحالف جديد مع القوة الصاعدة في المنطقة العربية الا وهي الاخوان المسلمين ومن يدور في فلكهم من جماعات دينية وأخرى تكفيرية انتجتها الحرب في العراق ووجدت موطئ قدم لها في سوريا وفي مصر وفي ليبيا وغيرها من البلدان العربية ,لكن الولايات المتحدة راهنت كثيرا على حكم الاخوان في مصر وعلى حزب الحرية والعدالة وحلفائه لتولي قيادة الحلف الجديد وتجميع أكبر عدد ممكن من التنظيمات الدينية من مختلف الاقطار العربية واعادة تجميع صفوفها استعدادا للمواجهة الحتمية بين قوتين تتنافسان على النفوذ في منطقة الشرق الاوسط وما سينجم عن هذه المواجهة من ضحايا سيكون من بينها انظمة صديقة وحليفة للولايات المتحدة .
سلاح الولايات المتحدة لمحاربة النفوذ الروسي هو الاسلام السياسي وقد دعمت واشنطن الاخوان في مصر على هذا الاساس وليس في نيتها التراجع عن هذا التحالف في الوقت الراهن لحاجتها الى تطرف الاخوان وتشددهم لمواجهة المد الروسي في عهد الرئيس القومي فلاديمير بوتين ,ولا زالت واشنطن تسعى بكل جهد سياسي ودبلوماسي ممكن لاعادة الاخوان الى حكم مصر ,لكنها مع ذلك سوف تنقلب على تحالفها الميت مع الاسلاميين حال تأكدها من ان مصر ماضية الى دولة مدنية بدون الاخوان ,ففي نهاية النهار فأن واشنطن تسعى وراء مصالحها .
ليس غريبا اذن ان يرفع اخوان الاردن سقف تنديدهم بالحدث المصري على نحو يثير الاستغراب وتصبح الدولة الاردنية ضمن اهدافهم ,فهم ايضا جزء من المخطط الاميركي تستهويهم السلطة وقد راهنوا على حكم الحرية والعدالة في مصر ليكون النموذج من قبل ,لكنه سقط بالفشل قبل ان يسقط بما يسمونه انقلاب العسكر ,فاي حكم في العالم يدفع بملايين الناس لمعارضته والخروج الى الشوارع للمطالبة برحيله هو حكم ساقط شرعا وبموجب الدساتير الدنيوية والدينية .