من المفترض ان تكون الانتخابات البلدية التي ستجرى يوم 27 من الشهر الجاري تختلف كل الاختلاف عن سابقاتها، بسبب التغيرات المتسارعة التي طرات على المجتمع منذ اخر انتخابات اجريت، وطبيعة التحديات التي تفرض شكلا جديدا من الاعمال التي باتت مناطة بالبلديات.
واقع البلديات مرير من كافة النواحي سواء اكانت اقتصادية ام خدمية ام ادارية، وهو الامر الذي كان له انعكاس سلبي على نظرة المجتمع لهذه الوحدات الخدمية، دفع بالكثير منهم الى العزوف عن المشاركة في انتخابات البلديات السابقة.
بلديات المملكة باتت اليوم محط انظار الكثير من المراقبين، وينظر لها على اعتبار انها الذراع الحكومي التنفيذي لتعزيز الخدمات المباشرة التي يتلقاها المواطن ويتلمس اثارها في اماكن مختلفة، لذلك باتت اليوم جزءا مكملا لمطالب الاسر الاردنية في الحصول على خدمات يدفعون ضرائب ورسوما مقابل الحصول على تلك الخدمات.
الكل يدرك الواقع المالي المرير الذي تعيشه البلديات والتي تناهز مديونيتها ال100 مليون دينار، وقد فشلت جميع الحلول لانتشالها من ازمتها المزمنة، فمرة يتم دمجها، واخرى يتم فصلها، وتارة يتم رفع الرسوم لتعويضها نقص الايرادات، وهكذا كانت الامور تسير دون الوصول الى حلول جذرية تنهي ازمة البلديات.
حجم المديونية الكبير على البلديات حال دون ان تقوم بواجباتها في تنمية المجتمعات المحلية، وباتت مراكزا للتجاذبات السياسية التي جعلت من البلديات بؤرا للبطالة المقنعة، وشكلا من اشكال الانفاق غير الرشيد، والمحصلة تراجع في الخدمات الاساسية للبلديات.
حتى البلديات الناجحة ماليا واداريا، انضمت هي الاخرى لقائمة البلديات المثقلة بالمديونية، فباتت امانة عمان التي كانت من اكثر مؤسسات الدولة تحقق وفرا ماليا يساعد خزينة الدولة في كثير من ازماتها المالية، لا بل تمتد يدها الى مساعدة باقي البلديات المتعثرة، نجدها اليوم تمد يده للحكومة طالبة المساعدة المالية والادارية.
للاسف انضمت البلديات الى قائمة المؤسسات التي باتت عبئا على الخزينة خلال السنوات الماضية، لا بل اصبحت محط تجاذب مناطقي حاد ابعد العملية الديمقراطية عن اتجاهها الصحيح، وما يحث في الانتخابات النيابية يحدث الان في الانتخابات البلدية من احقان عشائري ومناطقي وغيرها من الامور التي تعكر صفو العملية الديمقراطية المنشودة من وراء الانتخابات البلدية التي من المفترض ان تجسر الهوة بين المواطن ومراكز صنع القرار.
مطلوب تعزيز استقلال البلديات في اطار مناطقها وكف يد العابثين بقراراتها الادارية والمالية، وتطوير انظمتها التي تمكنها من تقديم خدمات حقيقية وفاعلة لمجتمعاتها وتنميتها لكي يتلمس المواطنون اثار تلك الخدمات التي يدفعون مقابلها ضرائب ورسوما لقاء الحصول عليها.
Salamah.darawi@gmail.com