صدقوني أن هذا ما حدث معي , أول أمس ...لم أجد موقفا لسيارتي أمام منزلي كان الشارع مكدسا بالسيارات ...في مكاني وقفت سياره تحمل لوحه سوريه مكتوب عليها حمص , وعن اليمين وقفت سياره أخرى تحمل نفس اللوحه ومكتوب عليها (ريف دمشق) ...وبجانبها وقفت سياره (جيب) سوداء لوحتها عراقيه وتحمل إسم( بغداد) ..وفي اخر الشارع سياره بيضاء من نوع (فيات) لوحة أمم متحده ....قلت في داخلي سأنزل إلى (بارك) العماره , وصادفت سياره تحمل لوحه ألمانيه ... ثم خرجت , وفي مكان ضيق جدا كنت أحاول (حشر) سيارتي به جائت سياره بلوحه خليجيه وسبقتني إلى الوقوف .
يا ألله ...هل يتسع شارع صغير في الرابيه لكل العالم العربي ويضيق بسيارتي الصغيره ؟التي من الممكن حشرها في زاوية منزل ؟..أعرف أن اخبار سوريا تحاصرني في التلفاز وفي المذياع ويحاصرني وجعها حين أقرأ لنزار قباني عن الياسمين الدمشقي , ولكني لم أتوقع أن تحاصرني حتى في موقف سيارتي ...
لو قلنا أننا بدأنا نعاني صدقا من هذا الواقع , سأرجم عبر مواقع التواصل الإجتماعي وسيقال أني إقليمي عفن وهذا وطن قومي أسس على إحتضان العرب (كل العرب) ...
لو قلنا أن واقع اللجوء للأردن اصبح مشكلة وأصبح رأس المال العربي يغير في أنماطنا الإجتماعيه , واخترق بيروقراط الدولة وعلم الناس (الخطا) والامر اليسير دون عناء سيقولون أنك تطعن بنزاهة الموظف وسلامة الدوله ....
لو قلت لكم أن إبني جاءني العام الماضي , وحكى لي قصة (ماسه) رفيقته في الصف الأول وكيف أن ما يسمى (بالشبيحه) اختطفوا عمها (هاني) وقتلوه ...وأن منزلهم كان كبيرا جدا وبه حديقه ولكن القصف دمر الحديقه ؟....ماذا ذنب ابني أن يتعلم قصص الدمار وويلات الحرب ما ذنبه أن ينسى لهجته (الكركيه) ويخاطبني بكلمة ( شو بنا) ...وهل أرسلته إلى المدرسه كي يتعلم الحرف واللعب والحياه أم يتاثر بواقع اللجوء ؟
سيمر علينا زمن , وقد ينهار المنسف أمام (حراء اصبعو) وستنهار (المقلوبه) أمام ( الباتشي) راقبوا فقط شوارع , راقبوا المطاعم وكيف تغيرت ؟ جميع الأسماء وكيف حضرت بغداد ودمشق وطرابلس وكل العواصم .. فاين نحن .
ما زلت مصرا على ان اللجوء بالرغم من طابعه الإنساني الظاهر , إلا أنه يحمل أيضا واقعا اخر متعبا وقلقا ...ما زلت مصرا على أن اللجوء قد يغير في لحظة نسيجنا الإجتماعي ..وما زلت مصرا على أن المواقف الموجوده في الرابيه والتي صممت لإحتضان سياراتنا دفعت من جيوبنا من الضرائب من تعبنا وشقائنا من (سروتنا) الصباحية للعمل , وهي ليست ملكا للوحات العربيه كي تستقر فيها متى شاءت ومتى قررت .
أنا خائف وقلق ومرتبك جدا , اليوم فقدت موقف سيارتي , ولا أعرف مالذي سأفقده غدا ...