للصندوق شرعية لا شك فيها ولكنها ليست مطلقة، فالصندوق يضع الشخص أو الحزب في موقع القيادة والمسؤولية وبعد إذن تبدأ شرعية الإنجاز. ليس أدل على ذلك من أن هتلر وموسوليني وصلا إلى السلطة في ألمانيا وإيطاليا عن طريق الصندوق في انتخابات ديمقراطية حرة، ولكنهما للأسف قادا وطنيهما إلى الدمار.
محمـد مرسي ظفر بشرعية الصندوق ولو بنسبة ضعيفة، وتسلم السلطة، فارتكب خطأ قاتلاً بعد آخر، وفشل في تحقيق الاهداف المرجوة للثورة فشلاً ذريعاً أو حلحلة المشكلات التي يعاني منها الشعب المصري. بل أنه اتضح أن مرسي لم يكن رأس السلطة إلا من الناحية الشكلية، أما رسم السياسة وصنع القرار فقد كان بيد المرشد ونائبه اللذين لم ينالا شرعية الصندوق
وهنا نتذكر أن جماعة الإخوان المسلمين لم يكن لديها نية احترام شرعية الصندوق عندما أعلنت أنها ستحرق البلد إذا أعلن فوز مرشح آخر للرئاسة غير مرشحها. بالصندوق أو بغير الصندوق صمم الإخوان على أن يحكموا مصر أو يحرقوها.
تنص جميع دساتير العالم على أن الشعب مصدر السلطة، وإذا كان الأمر كذلك فإن من حق الشعب أن يخلع الحاكم الذي لا يلتزم بإرادة الشعب. ومن الواضح أن مرسي خسر شرعيته عندما رفع ملايين المصريين الكرت الأحمر في وجهة، مطالبين بإجراء استفتاء أو انتخابات رئاسية مبكرة، ولكنه رفض جميع العروض، بما فيها المهلة التي أعطاها الجيش لمرسي لكي يمتثل لإرادة الشعب.
ما ذكرناه عن تآكل شرعية حكم الإخوان ينطبق على شرعية العهد الجديد، فقد نشأت بقرار الشعب أو أغلبيته، وتعززت بالأمر الواقع، وكانت شرعية كافية لتشكيل نظام بديل ووضعه على أول الطريق، وهي شرعية مشروطة بحسن الإنجاز.
للأسف فإن شرعية النظام الجديد بدأت تتآكل، فالرأي العام المصري لن يظل يدعم النظام الجديد بدون شروط ولم يعطه شيكاً على بياض، وهو يعرف ما عليه أن يفعل، وحصل على تفويض بعد آخر، ولكن رصيد هيبة الدولة وهيبة النظام يوشك على النفاد نتيجة العجز عن حسم الموقف والرضوخ للابتزاز.
اسـتمرار الوضع المرتبك الحالي يمكن أن يحول مصر إلى دولة فاشلة، فاقدة للأمن، وفاقدة للعمل والإنتاج مما يمهد الطريق لثورة ثالثة.