رفع البنك المركزي الاردني سعر الفائدة على الاصدار الثاني المقوم بالدولار الامريكي البالغ قيمته 650 مليون دولار الى 4.75% سنويا، علما بان سعر الفائدة للاصدار الاول البالغ حجمه 500 مليون دولار لصالح الحكومة بلغ 4.25%، الامر الذي شجع البنوك الاردنية التي تحتفظ بودائع بالدولار الامريكي للاكتتاب في الاصدار بما يحقق لها عوائد مجزية على الدولار الامريكي الذي لايتجاوز سعر الفائدة على ودائع الدولار 1%.
المبررات التي سوقتها الحكومات للمراقبين ان الاقتراض بالدولار محليا او من الاسواق الدولية يخفض كلفة الاقتراض بالدينار الاردني من ناحية، ويتيح الفرص امام القطاع الخاص للحصول على الائتمان لمشاريع تنشيط سوقي الايداع والاقراض، وتنشيط الاقتصاد بقطاعاته المختلفة، وهذا الامر صحيح نظريا، وعمليا سيتم تحويل مئات الملايين من الدولار الى دنانير من قبل البنك المركزي وضخها في كافة الانشطة بواسطة الحكومة ومؤسساتها وجهازها الوظيفي، اي اطلاق موجة جديدة من التضخم في الاقتصاد.
المراقب للسياسات المالية الاردنية يستطيع بثقة القول اننا نصرف ما في الجيب وننتظر ما يأتي من الغيب، والسؤال الذي يطرح لماذا كل هذه الديون محليا وخارجيا بالدينار والدولار وبعد اسابيع اليورو بوندز، مع وضع مسودة موازنة الدولة منذ بداية العام واقرارها بأغلبية نيابية ضعيفة بعد انتصاف السنة، وتحمل الموازنة عجز يقدر بـ 1.3 مليار دينار، ومنذ بداية العام اقترضت الحكومة اموالا طائلة على شكل سندات خزينة تعادل ضعفي عجز الموازنة المقدر، يضاف الى ذلك اقتراض نحو 1150 مليون دولار من البنوك المحلية، كما يضاف اليه قروض اضافية من اليابان ومؤسسات التمويل الدولية، ومساعدات ومنح اضافية من الاشقاء والاصدقاء.
التحول بالاقتراض من الدينار الى الدولار، ومن محليا الى الاسواق الدولية..الى غير ذلك فأن الحكم على هذه السياسات رهن بقدرة الحكومات على كبح جماح الاقتراض وتكاليفه على الاقتصاد والمواطنين حاليا، وعلى مستقبل الابناء من بعدنا، بخاصة وان الاقتراض يؤذي سيادة الوطن، ويرهن مقدراتنا ومستقبلنا، ويضعف بيئة الاستثمار امام المستثمر العربي والدولي.
محاولة البعض اظهار الاقتراض من الاسواق الدولية او محليا بالعملات الاجنبية على انه انجاز وفتح كبير، فان ذلك ضرب من الخيال، ولنعد قليلا الى الوراء عندما قام الاردن بالتسديد المبكر لديون دول نادي باريس بسعر خصم هزيل بلغ 11%، عندها تفاءلنا بان عهد الاستدانة خارجيا ومحليا قد انتهى، الا ان الامور على العكس من ذلك حيث ارتفعت الديون في غفلة من الزمن متجاوزة حاجز 25 مليار دولار، والحبل على الجرار.
خلال العقود الماضية غرقت دول كبيرة في الديون منها البرازيل وتركيا، الا انها استعادت زمام المبادرة وتتجه في هذه المرحلة للريادة اقتصاديا وسياسيا، وهذا التحول استند الى ادارة فعالة وارادة قوية.