أمام قوة الإخوان المسلمين، ونفوذهم، من خلال امتلاكهم لستة عوامل هي 1- أنه أكبر حزب مصري، 2- يشكلون امتداداً لأكبر حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي، 3- بيدهم شرعية الرئيس المنتخب، 4 – تفاهم إستراتيجي مع واشنطن، 5- يملكون حركة حماس الجهادية، 6- أنهم ضحية الانقلاب والمؤامرة ويسقط منهم الضحايا أمام متاريس المواجهة مع الجيش والأمن، مقابل ذلك ثمة عناصر مناوئة للإخوان المسلمين تضعف موقفهم وتزيل عنهم عوامل القوة التي يملكونها متمثلة بالعوامل التالية :
أولاً : أخطاء محمد مرسي التي استفزت قطاعا واسعا من المصريين، أدت إلى فكفكة كتلته الانتخابية التي جعلت منه رئيساً، إذ لولا انحياز قطاعات شعبية وليبرالية وقومية ويسارية له في جولة الإعادة الثانية الثنائية، لما حصل على اثني عشر مليوناً من الأصوات، جعلت منه رئيساً منتخباً من الأغلبية العددية للناخبين المصريين، وقد راهن هؤلاء عليه في مواجهة المرشح أحمد شفيق الذي شغل مواقع متعددة في عهد الرئيس مبارك، كان آخرها رئاسة الوزراء، وقد انقلب هؤلاء على الرئيس وعلى حزبه وعلى قراره وإدارته، وشكلوا المظاهرات الحاشدة التي فاقت حشود الإخوان المسلمين.
ثانياً : تصادم الإخوان المسلمين مع الجيش المتماسك الموحد، كان من أهم عوامل التغيير وأدواته، ومثلما أدت المظاهرات الشعبية والاعتصامات السياسية إلى جانب تحرك الجيش، إلى عملية التغيير وإنهاء فترة مبارك، بقيادة محمد حسين طنطاوي، فقد أدت المظاهرات والاعتصامات الجماهيرية يوم 30 حزيران، إلى تحرك الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي، ودفعته نحو مبادرة التغيير، يوم 3 تموز، وشكلت غطاء له ولقراره بعزل الرئيس الاخواني محمد مرسي، وإنهاء فترته، أسوة بما سبق وأن تم مع حسني مبارك.
ثالثاً : التصادم مع قطاعات مهنية واسعة يقف في طليعتها القضاة والأعلام، إضافة إلى الأحزاب السياسية، جعلت من حجم المعارضة واسعاً، وانعكس ذلك بخلق جبهة واسعة ضد الإخوان المسلمين من تحالف أحزاب جبهة الإنقاذ وحركة تمرد الشبابية، ما وفر أرضية واسعة من المعارضة، حرّضت الجيش، ووفرت غطاء له في نفس الوقت كي يقوم بحركته ويعزل الرئيس.
رابعاً : رفع الغطاء عن الإخوان المسلمين من قبل المؤسسة الدينية ممثلة بالأزهر والكنيسة، والتعارض معهما، ما أدى إلى رفع الغطاء الديني عنهم، ولأهمية هذا العامل يمكن التدقيق بخطاب المرشد العام محمد بديع الذي هاجم فيه شيخ الأزهر وبابا الأقباط، ما يعكس حجم الأثر الذي تركهما موقف الأزهر والكنيسة القبطية على خطاب الإخوان المسلمين وتعريته ونزغ القدسية عنه، وإظهاره بلا شرعية.
الصراع بات مكشوفاً بين الطرفين، ومحتدماً، اعتماداً على امتلاك عوامل القوة لطرفي الصراع داخل المجتمع المصري، والغلبة لمن هو أقدر على توظيف العوامل المتوفرة لديه، لتحقيق غرضين: أولهما حشد أكبر من الأصدقاء والمؤيدين، وثانيهما إضعاف الخصم والطرف الآخر، تسهيلاً لهزيمته، أو للتوصل إلى تسوية بينهما.
سقوط ضحايا، ونزيف الدم، عامل مزدوج، يدفع بالتعاطف نحو الطرف الذي يتعرض للأذى، حيث يسعى الإخوان المسلمين لتمثيله وإبراز أنفسهم على أنهم الضحية، ولكنه عامل استفزاز لجموع المصريين، بسبب التصريحات المتطرفة لقادة الإخوان المسلمين، وإظهار انفسهم وأطفالهم على أن كل واحد منهم "مشروع شهيد" ما يدلل على وجود خيار مسبق وقرار مركزي من قبل الإخوان المسلمين، باللجوء إلى العنف والتصادم مع الجيش والمؤسسة العسكرية، وصمتهم على العمليات العسكرية التي تقوم بها القاعدة والفصائل الجهادية المتطرفة ضد الجيش والأمن في سيناء، ومهاجمة مراكز الشرطة والأمن في المناطق النائية في محاولة الاستفراد بها وإضعاف دورها الوظيفي والمهني في تلك المناطق .
المعركة بين طرفي الصراع داخل مصر، ما زالت سجالاً ولم تحسم بعد، لمصلحة طرف على حساب الطرف الأخر.
h.faraneh@yahoo.com