تعتبر صناديق التقاعد في العالم اكبر خزائن المال في الدول المتقدمة، وهي حصن متين في المجتمع والاقتصاد، وتبنى سياساتها الاستثمارية وفق معايير محددة، في مقدمتها الابتعاد عن المخاطر الاستثمارية، وتعتمد على الاسهم الممتازة في البورصات والاسواق المالية والعقار، ويكتفي اصحاب القرار الاستثماري لهذه الصناديق والمؤسسات بارباح مدروسة تنفيذا لقوانين الاستثمار التي تؤكد ان الارباح المرتفعة تترافقها مخاطر استثمارية عالية ( High profit high risk ).
وهذه الصناديق تدار من قبل خبراء بعيدا عن السياسة والانتخابات والحكومات، ويتم اتخاذ القرارات الاستثمارية وفق دراسات السوق والعوائد والمخاطر الاستثمارية وغير الاستثمارية، لذلك نجد معظم صناديق التقاعد في العالم تعزف عن الاستثمار في المنطقة العربية نظرا لارتفاع المخاطر السياسية والامنية، وهذا العزوف منذ سنوات وعقود وليس خلال السنوات القليلة الماضية.
صندوق استثمارات اموال الضمان الاجتماعي يعمل بنشاط في الاقتصاد الوطني، وفي السابق كان تدخل الحكومات في القرارات الاستثمارية متعارف عليه، وفي صفقات معروفة تم اتخاذ القرار تلبية لقرارات سياسية، ومن الامثلة على ذلك دخول الضمان في العام 2002 لشراء 10% من راسمال شركة الاتصالات الاردنية، بعد ان اخفقت الشركة المملوكة للدولة في برنامج الخصخصة، وانقذ الموقف الضمان باموال، وكذلك عندما باع ورثة خالد شومان حصتهم في البنك العربي تدخل الضمان الاجتماعي وحصل على حصة كبيرة في راسمال البنك، اقحام الضمان الاجتماعي في هاتين الصفقتين كان تصرف ناجح، الا انه لم يكن قرارا استثماريا ذاتيا للمؤسسة.
الاحتكام للمهنية في ادارة اموال الضمان، واعتماد القرارات الاستثمارات لعوامل الامان والربحية والاستقرار، والتنويع القطاعي في الاستثمار، وابتعاد الحكومات عن التأثير على الملاءة المالية للمؤسسة، وعدم تقديم النصح لاسيما وان الحكومات اضعف مستثمر وتاجر ليس هنا في الاردن وانما في معظم دول العالم، فالحكومات جهاز تنفيذي مهمته حماية البلاد والعباد ، ويحقق التوازن في المجتمع ويقدم الخدمات للمواطنين بعدالة، ويحمل القادر القسم الاكبر من كلف ادارة البلاد بما يوطد الصالح العام.
الضمان الاجتماعي مؤسسة وطنية تهم كل بيت اردني اليوم ومستقبلا، وان امواله يجب ان تدار وفق مهنية بحتة، وان المركز المالي للمؤسسة وحسب الدراسات الاكتوارية مطمئنة، وعلينا جميعا الدفاع عن هذه المؤسسة التي تبنى كمستثمر رئيسي في البلاد، وتوفر الاستقرار والعيش الكريم لعشرات الالاف من الاسر الاردنية.